نظرتها تذهب إلى البعيد، إلى المجهول. صبية خجولة، صامتة وفي داخلها جرح عميق، لا يمكن أن يخفى على من ينظر إلى وجهها. صورة سبعة رجال يخطفونها من الشارع

نظرتها تذهب إلى البعيد، إلى المجهول. صبية خجولة، صامتة وفي داخلها جرح عميق، لا يمكن أن يخفى على من ينظر إلى وجهها.

صورة سبعة رجال يخطفونها من الشارع إلى مزرعة بعيدة، ليغتصبوها ويصورها، هي المحفورة في تفكيرها. وسمعتها التي باتت على المحك هي هاجسها، وبخاصة علاقتها بزوج المستقبل الذي يقف إلى جانبها وقفة الرجل الحقيقي. تعتبر وقفته جميلاً لن تنساه «لكن أخاف على مصيري إذا تركني بعد انتهاء القضية» تقول بصوت يخنقه الأسى. يسمونها «فتاة القطيف المغتصبة»، لكنها تحمل اسماً بات يرمز إليه بالأحرف الأولى منه فقط. لكنها فتاة مثل كل فتيات العالم، تحولت إلى ضحية إثر فعل طائش، بعد أن افترسها سبعة شبان. وتبقى الفتاة غير معروفة، بسبب الخوف من العار الذي يصيب من تتعرض لموقف مشابه. كثيرات يصمتن، لكن وضعها كان مختلفاً، فقد فضح الجناة أنفسهم وأباحوا التعرض لسمعتها، حتى انهم تباهوا بأنهم خلصوا عريسها منها، لأنها كما قالوا له دون خجل «فتاة سيئة السمعة». هي باختصار، صبية في العشرين من عمرها، مخطوبة وتنتظر اكتمال فرحتها. تسرد بكثير من اللوعة تفاصيل تلك الليلة في شهر صفر الماضي، التي غيرت مسار حياتها. وجهها الشاحب الذي يفترض به أن ينبض بحمرة الشباب، أحاله الصفار صورة لما يدور في فكرها من هواجس. يصبح كلامها همساً عندما تدخل في تفاصيل ما جرى تلك الليلة المشؤومة من محطات مخيفة يقشعر لها بدنها، فتقول: «كنت أترجاهم، ولكن من دون فائدة»، ومنها محطات تصيب السامع بالغثيان لمجرد التفكير بفعلتهم. وتقول: «تناوبوا علي اغتصابي، وقد ساعدني على معرفة عددهم أن أضواء السيارة كانت موجهة إلى الغرفة الخشبية التي اقتادوني إليها، ولم يكتفوا باغتصابي مرة واحدة، بل قام كل واحد منهم بذلك مرتين». كما لا تنسى كيف صفعها أحدهم بجواله على وجهها قبل أن يكمل جريمته بتصويرها «وهددوني بفضحي وإيصال الصور لزوجي».

تخبر الحادثة لـ»الحياة» بصوت يرتفع، لتظهر رغبة قوية في تحصيل حقها وشرفها المسلوب من جانب شبان لا يعرفون الرحمة، وبخاصة أنهم أهانوها وعذبوها جسدياً ونفسياً، فلم يكتفوا بالأذى الذي لحق بسمعتها. لا تستطع الصبية أن تنفي ما تكبدته من عناء نفسي بعد عودتها إلى منزل أهلها «دخلت المستشفى في اليوم التالي للحادثة، فأنا أعاني أصلاً من فقر الدم الحاد ومن الربو، وقد أنهكت جسدياً ونفسياً مما استدعى نقلي إلى المستشفى». صحيح أن قصتها لاكتها ألسن الناس كثيراً، لكنها باختصار قضية مجتمع، فهناك مثلها انتهك عرضها وصمتت، لأن في الصمت ستراً لها. هي أيضاً أخفت الأمر بداية، لكن الشبان السبعة أخذوا جهازي الجوال اللذين كانا معها وبدأوا مرحلة من التهديد بإرسال الرسائل إلى الأرقام الموجودة على جهازها، ومن بينها رقم خطيبها وشقيقاتها، كما تقول.

كانت نفسيتها تتأزم يوماً تلو الآخر، وتوضح «جربت الانتحار مرتين لأنني لا أعرف ماذا أفعل، أهلي لا يعرفون ما بي وكنت أمضي كل الوقت نائمة وأبكي». لا يغادرها الخوف منذ تلك الليلة، حتى أنها تخاف الخروج من المنزل «أخاف وأتخيل أشخاصاً يقفون في الظلام ويريد أحدهم قتلي». ولأنها لم تخضع لأي علاج نفسي مفترض في مثل حالتها فإنها ما زالت تعاني الخوف والهواجس.

عندما واجهت المتهمين للمرة الأولى في التحقيقات، كان لقاؤها معهم مربكاً لها «أنا من النوع القاسي، وعلى الرغم مما حدث بكيت، لأنني رأيتهم مكبلين، لكن في نفسي كان هناك حقد، وانهرت عندما رأيتهم». تنتظر الفتاة بقلق وتوتر يوم العاشر من شهر شوال الجاري، وهو اليوم الذي حددته المحكمة الكبرى في محافظة القطيف للنطق بالحكم في قضية الشبان السبعة. وتستطرد «لكن أنا الآن واثقة من نفسي أكثر، وبخاصة مع وجود زوجي إلى جانبي، وأنا أريد حقي». لا تعرف ماذا تتمنى للشبان المتهمين، لكنها تقول: «أشعر أنه يجب أن لا يكون هؤلاء الأشخاص موجودون أصلاً» وتضيف «أتمنى لهم الإعدام». ويبقى الحكم هو المقياس لشعورها بإمكانية إكمال حياتها «إذا كنت سأحصل على حقي سأكون راضية وأكمل حياتي بشكل طبيعي». وإذا كان الحكم مجحفاً بحقها «قد ألجأ لجهات أعلى».

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)