لا نستطيع تجاهل ما قام به "إعلان دمشق" بشأن "انتخاب" أمانة عامة، فما حدث لم يكن مجرد "ظهور جديد"، لكنه بطبيعة الحال لم يقدم وجوها لم تعرفها "الحياة

لا نستطيع تجاهل ما قام به "إعلان دمشق" بشأن "انتخاب" أمانة عامة، فما حدث لم يكن مجرد "ظهور جديد"، لأنه بطبيعة الحال لم يقدم وجوها لم تعرفها "الحياة السياسية" السورية من قبل، وفي نفس الوقت ظهرت قوى الإعلان للتأكيد على "شعارها" القديم في مسألة "التغيير الديمقراطي.

لكن قراءة ما حدث في النهاية يخضع لاعتبار آخر ربما له علاقة بـ"التوقيت"، فانتخاب أمانة عامة يعني إعادة التعامل من جديد مع هذا الإعلان وفق الزمن الحالي، فالمؤشر الأول أن قوى الإعلان قرأت ما حدث في أنابوليس، وربما تبدل الموقع السوري، وهي بحاجة إلى صورة جديدة، أو تأكيد وجودها مع تبدل الحسابات التي ظهر فيها هذا "الإعلان".

عمليا فإن "إعلان دمشق" لم يسجل نقطة فارقة عندما ظهر سواء بطروحاته أو محاولته تجميع "الشرائح المعارضة، فمسألة "التغيير الديمقراطي" كانت مطروحة من قبل كل النشطاء السياسيين، والأمر الوحيد في الإعلان كان توقيته في ذروة الأزمة بين سورية والولايات المتحدة، هذه الأزمة التي تلاحقت مجرياتها لتصبح "أزمة" دولية وعربية إن صح التعبير. ومهما أصر معدو الإعلان على أنهم عملوا واجتهدوا قبل الأزمة، فإنهم "أشهروا" اتفاقهم خلال الأزمة.

بالطبع لم يقم "الإعلان" بأي تحرك فعال في مسألة "التغيير الديمقراطي" لأسباب لا تتعلق في كثير من الأحيان برغبته في تحقيق هذا التغيير، وإنما لأسباب موضوعية مرتبطة بكونه "تجمع حول موقف سياسي" أكثر منه تفاهم بين قوى سياسية على برامج وآليات محددة، وهذا الأمر جعله في كثير من الأحيان غارق داخل مساحة "ميثاقه" إن صح التعبير. فـ"الإعلان" كان ظاهرة إعلامية في بدايته، لكنه تحول إلى "إشكالية" داخل الحياة السياسية، لأنه رغم قدرته على خلق "تجميع" لقوى المعارضة إن صح التعبير، إلا أنه أوجد الكثير من الافتراق بالنسبة للآلية. وهذا الأمر ظهر بوضوح خلال الانتخابات التشريعية السورية، عندما قرر فريق المشاركة في الانتخابات بينما قاطعها فريق آخر.

هل سيشكل انتخاب أمانة عامة مرحلة جديد؟ هذا السؤال يملك عددا من العناصر التي يمكن قراءتها:

 الأولى أن التوقيت بالنسبة للمعارضة نفسها يبدو غير مستقر، فهناك أخبار عن ظهور مكتب للإعلان في بيروت، سارعت قوى الإعلان للتبري منه، لكنه يؤكد على أن التنسيق أو طبيعة التعامل بين قوى الإعلان غير مستقرة حتى اللحظة. ويمكن الاستشهاد أيضا ببعض الخلافات الداخلية التي طفت على السطح مؤخرا.

 الثاني انتخاب رئيسة لمكتب المجلس الوطني لاعلان دمشق، وهو يعني وفق مشهد أول إعطاء الصورة الذهنية للإعلان شكلا جديدا سواء عبر اختيار امرأة، وربما حسما لبعض الآراء التي صدرت من داخل الإعلان حول علاقته بالاسلام السياسي".

حتى اللحظة لم يظهر أي تبدل واضح فيما يمكن أن يقدمه الإعلان بعد اجرائه الأخير، وهو أمر بما يحتاج لأكثر من انتخاب "رئيسة"، لأن طبيعة "إعلان دمشق" ماتزال تحتاج لتحديدات أكثر وضوحا ليس في مواقفه بل في "استراتيجيته" بشأن شعاره الكبير في "التغيير الديمقراطي".