الحزبيــــــــــــون الســــــــــــوريون الجـــــــــــــــدد.. دماء شابـّة، وشريان مفتوح!
من دون مقدمة...

ناصر الأسود

عضو قيادة فرع حزب الاتحاد الاشتراكي العربي

من دون مقدمة...

• ....................؟

"الأزمة في الإقبال على العمل الحزبي لدى الشباب ليست قضية تختص بها الأحزاب الناصرية دون غيرها، بل هي أزمة عامة تشمل كل القوى السياسية.

وهي ناتجة جزئيا عن عدم وجود صياغة للرؤى الفكرية لهذه القوى بعد كل هذه التغيرات التي طرأت، ونلمس تجليات ذلك في الأحزاب الموجودة داخل الجبهة الوطنية التقدمية، والتي لها شرعية في الحركة والعمل، أو تلك الأحزاب التي ربما تملك رؤى أيديولوجية مماثلة إنما تختلف سياسيا مع الحزب القائد وأحزاب الجبهة، ولكن في المحصلة الكل بحاجة إلى إصلاح.

الأمر الذي يدفعنا تلقائيا إلى التمسك بهذه الشريحة الشبابية التي اختارت العمل الحزبي-تشكل جزء متواضعا من قطاع الشباب السوري الأوسع-.

وفيما يدور الصراع حول من هو على صواب بين الأحزاب داخل الجبهة وخارجها، أو بين أحزاب الجهة و الدور الأكبر لحزب البعث؛ يتعرض شبابنا في الخارج إلى قصف فكري، ومسح للذاكرة الوطنية والقومية!".

• ....................؟

"القيادات في الصف الأول تدرك هذه المسألة، ولا يجوز -بهذه الاطلاقية- القول أن القيادة السياسية للجبهة لم تفتح المجال أمام أحزاب الجبهة للعمل، كما لا يجوز القول أنّ هذه الأحزاب عاجزة عن العمل ضمن البيئات الشابة، وإنما يوجد هناك داخل الحزب القائد من يتعامل مع موضوع أحزاب الجبهة على أنها حالة خلافية، رغم أنّ الجيل الشاب يجد تطابقا شبه كامل بين ما تقدمه أحزاب الجبهة وبين ما يطرحه الحزب القائد!

والقيادة السياسية مدعوة بهذا المعنى لفتح حوار داخل الحزب القائد، بغرض أن تكون هناك نظرة أكثر (تقبلا) لأحزاب الجبهة الأخرى، متجاوزين حالة (المجاملات) في المناسبات بين القيادات.

يمكنني القول أنّ أحزاب الجبهة تحولت في فترة سابقة إلى حالات عائلية، وبقيت ضمن الدوائر الضيقة. هناك نمط في التفكير بحاجة إلى مراجعة، لكن التغير الحاصل يجب التقاطه.

هذه الدائرة التي يخافها (بعضهم) أقول لهذا الـ(بعض) هي منكم وفيكم، والأمر أشبه بحالة من يخاف من ابنه إذا تفوق دراسيا!"

• ....................؟

"آلية العمل السياسي اليوم لا تتيح للشباب أن يكونوا ضمن الأفق السياسي الكبير كي يمارسوا دورهم، مضافا إلى ذلك آليات العمل ضمن الأحزاب بطابعها التقليدي واجترارها للممارسات البيروقراطية.

وأقول في هذا السياق أيضا،أنّ أحزاب الجبهة كانت فيما مضى تتلقى دعما ماديا من الدولة، وهذا الدعم بدأ يخف إلى حد ما، الأمر الذي يطرح سؤالا فيما إذا كان من المتاح أمام أحزاب الجبهة ضمن الشرط السياسي الحالي؛ أن تنشئ لنفسها مؤسسة اقتصادية يفتح لها المجال أمام تدعيمها ماليا؟

أحزاب الجبهة ترهلت في مرحلة من المراحل، وصار قطاع من الشباب –بعيدا عن التعميم- يدخل أحزاب الجبهة -بما فيها الحزب القائد- بغرض اكتساب بعض المنافع، ولم تعد القضية في السنوات العشر الأخيرة قضية (كوتات) وحصص؛ بقدر ما هي إنجاز ميداني على أرض الواقع.

والقيادة السياسية تعي هذا الأمر، وترسل هذه الرسائل، ومن لا يريد أن يفهم فهذه مشكلته، فالفاعلية على أرض الواقع هي معيار بقائك، ومن يعمل يجد فرصته.

لكننا في مسألة السقوف والهوامش نعود فنصطدم مع الجيل الشاب وروح المغامرة والجموح التي لديه، فنجد أنفسنا مضطرين إلى (عقلنة) تصرفاتهم وطروحاتهم أكثر، إلى حد قد يشعرون معه أنّ ثمة تقييدا على حركتهم، وهي نقطة مفصلية بالنسبة إلى حديثنا هذا، حيث ونتيجة للاندفاع الذي ذكرت؛ يتجاوز الشباب بعض الخطوط مما يخلق (إشكالات) لكتلهم الحزبية.

مثل حالة ذلك الشاب من شبابنا في حزب الاتحاد الاشتراكي، والذي تكلم في إحدى الندوات التلفزيونية المسجلة كلاما تم حذفه لاحقا من الحلقة عندما أذيعت!

أما إن كانت هذه الـ(لا) تأتي بالإقناع أم (لا) –وفق تعبيرك- فقد أكون مبالغا في حديثي إذا أجبتك بـ(نعم)، بمعنى أنها تأتي بالإقناع، لكنه لا يمكنني في ذات الوقت القول أنّ الأمر يتم بجرة قلم أو قرار.

وهنا تمارس القيادات الحزبية الوسطى شيئا من المزاودات حول مثل هذه الحالات، كأن تحتجّ مثلا على إعطاء شباب كهؤلاء الفرصة للكلام قائلين (ألا تعلمون أننا داخل الجبهة...) وما شابه، في حين يكون رأي المكتب السياسي للحزب مغايرا لهذا الطرح"

• ....................؟

"من يقول اليوم (أنا واحد وغيري يتبع لي) لن يصل، بل أمامه طريق مسدود، ولا جدوى من وراء الحديث عن أنّ طرفا بعينه قادر على أن يحمل على كاهله كل الأمور، وانطلاقا من المبدأ ذاته نعرف أنّ الدولة لم تعد تستطيع أن تلبي كل شيء، فأبوية الدولة لم تعد قائمة، ولا يدعيّن أحد أنه يملك الحقيقة أو رؤيا الحلول للمشاكل وحده.

كنت مرة في أحد المخيمات الكشفية ضمن دورة قادة، ليأتي أحدهم -وهو عضو له مركزه اليوم في اتحاد شبيبة الثورة- ليقيمني ضمن الاستمارة المقدمة كـ(حيادي إيجابي)؟!

فسألته كيف تضع مثل هذا التقييم لي وأنا عضو قيادة فرع في واحد من أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية؟!"

• ....................؟

"أقول للجهات المكلفة بضبط السقوف؛ يجب أن نستمع جيدا إلى هؤلاء الشباب ونسعى إلى فهم تلك الطروحات التي نرى أنها تتجاوز (السقف)، لأن الخسارة ستكون في تحويل هؤلاء إما إلى النموذج غير المبالي، أو ذاك المنغلق على أفكار محددة، يطلب عبرها الراحة والتوازن بالمعنى النفسي؛ كالتدين من دون مواقف مثلا، والذي يدفع باتجاه التعصب.

علينا إذن أن نستوعب هؤلاء الشباب، ونفتح أمامهم هامشا أكبر لطرح أفكارهم ورؤيتهم، لأنهم يمثلون طاقة بإمكاننا الاستفادة منها وتوجيهها، وقد لمسنا حجم تفاعلها مثلا في حرب تموز الأخيرة، وخاصة فيما يخص

عمليات الإغاثة، وفي السياق ذاته أشير هنا كيف وجدنا أن الفعاليّات الأهلية كان لها دور في هذا الأمر أكثر من الأحزاب المؤطرة، نظرا لأنّ هذه الأخيرة غير معتادة على ممارسة هذه الأشكال من النشاط.

وأنا أتفق معك على أنّ ثمة فجوة معرفية لدى هذا الجيل الشاب مع ما سبقه، لكنها فجوة بحاجة إلى ترميم لا أن نقفز فوقها، بيد أنّ الطريقة القديمة في مخاطبة الشبّان لم تعد مجدية، من دون أن يعني ذلك أننا لم نعد بحاجة إلى مضامين الأيديولوجيات نفسها"

• ....................؟

"كانت الجبهة لدى تشكلها من أحزاب يسارية وقومية –إضافة للبعث- معبرة عن مرحلتها والجو العام في حينه، أما لآن فنحن لسنا بحاجة فقط إلى توسيع دائرة هذه الجبهة -كما طرح في المؤتمر العاشر لحزب البعث- بل برأيي لا مانع حتى من طرح أكثر جرأة.

فنحن إن كنا حريصين على سوريا بالفعل لا يفترض بنا أن ننظر نظرة إقصائية إلى هذه المعارضة التي تملك نفس الطروحات الوطنية، ونفس الرؤيا القومية، ونفس الخطوط العامة في مسألة الصراع مع الصهيونية، خاصة تلك التي تعمل منها تحت سقف الوطن، ولا تشارك في اجتماعات مشبوهة.

وان كان الواقع يوحي بشيء غير هذا؛ فأنا لا ألوم فقط طرف السلطة، بل ألوم الأطراف الأخرى التي تمارس نوعا من الطهرانية السياسية، والعمل في الغرف المغلقة -الذي لن يجدي-، خاصة وأنّ بعض أحزاب المعارضة لا يعرف الناس عنها شيئا، و لم يسمعوا بها من قبل، ولو حاولت أن تجمع حولها أحدا؛ فلن يجتمع حولها إلا القليل.

مع العلم أنّ أحزاب الجبهة -من دون البعث- قريبة أيضا من هذه الحالة، وقد تحصل بعض الاختلافات أحيانا مع البعث في حين أن على الطرف الآخر أن يدرك أن ّ المعركة ليست مع هذه الأطراف، والتي هي في النهاية أطراف تريد مصلحة الوطن منيعا متماسكا، للشباب فيه دورهم وفاعليتهم، ولاشك أن أكثر ما يزعج الشباب ويخلق لديهم حالة من التراجع والانكفاء؛ هو شعورهم بمسألة التطابق الكامل هذه، والتي هي نقطة سلبية.

لذلك أنا أدعو إلى إقامة (حلقات وسيطة) وتنوع أكبر، فالحراك السياسي الناجح في أي بلد هو ذلك الذي يتيح النظر إلى المسائل المطروحة من زوايا أخرى مقابلة."

• ....................؟

" لم يكن داخل الحزب من قبل هيئة معنية بالشبان خصوصا، وأنا مكلف اليوم بوضع دراسة منهجية لمكتب الشباب داخل الحزب، وقد طرحت في عرضي فكرة التخلص من آلية التعيين عبر الأمناء العامين وأعضاء القيادة نحو آلية جديدة تمر من خلال الممارسة والانجاز على أرض الواقع حيث المحك العملي.

وتوصلت عبر مجموعة من شباب الحزب إلى نتيجة قد يجدها بعضهم جارحة؛ لكنني اكتشفت عمليا أن طابع الحوار داخل هذه المجموعة متقدم

فكريا وحركيا على الحالة الموجودة داخل الفرع نفسه، رغم أنهم تنظيميا دون مستوى الفرع!

وهذه تجربة جديدة -لا يتجاوز عمرها السنة تقريبا- داخل حزب الاتحاد الاشتراكي، وداخل فرع دمشق تحديدا، وكان من نتيجتها أن أحد أفراد المجموعة تمكن بعد وقت صغير من التقدم بطالب افتتاح شعبة لحزبنا في ريف دمشق"

• ....................؟

"دعني أخبرك هذه الحادثة، كان هناك احد الأشخاص الذين تركوا حزب البعث منذ سنة 94،

وانضم إلى حزبنا، ثم رشح نفسه في الانتخابات العمالية، لكن اسمه شطب لاحقا!

وقد حمل أمين الفرع قضيته إلى مسؤول في فرع دمشق لحزب البعث، الذي أخبره أنه ثمة لديهم قرارا يجعل من غير المسموح لمن ترك حزب البعث أن يأخذ أي موقع في المستقبل، فرد عليه أمين فرعنا أن الشخص المشار إليه كان ضمن حزب البعث بسبب (طريقة معروفة، عندما يكون المرء في سن معين في المدرسة ولا يعرف بعد ما هي السياسة).

ما أريد قوله هو أنه على الجميع أن يعي أنّ ما يدور حوله الخلاف، ليس هو المعركة الأصلية. يجب أن نضع المجهر ونتأمل الواقع جيدا لنرى ما الذي يحصل لشبابنا، وما هي هذه (الدوائر) التي تجتذب هؤلاء الشباب.

في إحدى المناسبات المهمة لنا وهي ذكرى الوحدة بين سوريا ومصر، دخلت الاجتماع لأشاهد بضع عشرات فقط من الحضور (لنقل مئة... مئتان) وهذا ليس غريبا، في حين أنني عندما خرجت وجدت أن احد مرشحي مجلس الشعب وقد تمكن من حشد الآلاف في خيمته الانتخابية،

علما أن هذا الشخص (م.ح) نفسه ستقرأ عنه في جريدة (تشرين) اليوم أنه قد تم إلقاء الحجز الاحتياطي على أمواله المنقولة وغير المنقولة!

كيف يستطيع شخص بالأموال أن يوظف هؤلاء الفتيات والشبان المنطلقين، ويدفعهم للهاث أياما طويلة من أجل أن يعطيهم في نهاية حملته بضع آلاف من الليرات وما شابه.

علينا أن نـُشعر هؤلاء الشباب بوجود حلقات وسيطة يستطيعون التعبير من خلالها، والأمر في رأيي يشبه فرق الكمون في الكهرباء؛ وما لم يكن هناك (فرق) كمون فالتيار عندها سيكون (صفرا)!

بمعنى أن زاوية الرؤيا المختلفة بعض الشيء هي التي تنعش الرغبة لدى الشباب ليصبحوا جزء من العملية السياسية، وتبعدهم عن أنواع من الاستجداء مررت عليها آنفا، خاصة في ظل أوضاع البطالة هذه، وأنا هنا لست في وارد مناقشة صحة أرقام المكتب المركزي للإحصاء بقدر ما أرغب في الإضاءة على ما تنعكس فيه هذه البطالة من فراغ لدى الشباب، وإضعافا لانتمائهم الوطني عندما لا يجدون وظائف تناسب مؤهلاتهم.

علي أن أُشعر الشباب أنهم جزء من النشاط العام، وأنّ لهم دورا في الواقع، إن لم يكن في صنع القرار؛ فبمراقبة هذا القرار والتدقيق فيه، أو على الأقل مناقشته.".