منذ تفتح أعيننا على مسألة الحزب والأحزاب، ونحن لا نعرف الا اشكالا جذرية ذات أهداف كبيرة وضخمة، تبدأ من ما قبل الدولة ومن ما قبل الكيان ومن ما قبل الطبقة ومن ما قبل سايكس بيكو وفلسطين، وكل هذه الأحزاب تريد تحقيق غاياتها الكبرى والنهائية، من تأسيس الامة وتأسيس كيانها ودولتها وتحرير الأراض المغتصبة وأشباع الطبقة العاملة والتوحد في عالم أممي أو ديني أو اجتماعي الخ الخ . وأطلقت على العمل من أجل تحقيق أهدافها أسم النضال وفي أحيان أخرى اسم الجهاد .

ودارت الأيام، واختلفت الأزمنة، وقامت الحروب العالمية الساخن منها والبارد ونفذت المؤامرات وأعيد رسم الدول والمجتمعات تغير العالم، وتحررت التكنولوجيا، وتشخصنت الأفكار وطبقت وولدت الجديد وارتقت، ولما تزل الأحزاب النضالية تتهيأ للخوض في مبادئها، وربما للتبشير بها أو لأثبات صحة نظريتها ، ولكن هذا كله خارج ممارسة السياسة ، فهذه الأحزب نظريا تريد كل شيىء أو لا شيىء ، فلم تضع اهداف (سياسية) تكتيكية بل أرادت أن تكون استراتيجيتها بديلا عن الواقع ودفعة واحدة ، لم تهتم بالعلم والتكنولوجيا لم تفهم بالاقتصاد وتحولاته ، لم تجاور او توازي مرحلة الاتصالات والميديا بل لم تلحظ مرور الزمان وتغير الأشياء ..ومع هذا لما تزل مصرة على نضالها أو جهادها مبعدة حضور حزبها كطرف أجتماعي منتظرة الدهر المناسب كي تحل البشارة على شعبها أو شعوبها ليكتشفوا أن هذا (الحزب) أو ذاك هو خشبة الخلاص الكبرى والنهائية .

جاء عصر القوميات وذهب ، وجاءت الشيوعية وذهبت (وهنا ليس المقصود بالذهاب هو "الأنمحاء" وانما الارتقاء والاندماج في بنى جديدة ومعاصرة) وما زال النضال والجهاد هو أسمى الغايات ولكــــــــــــــــــــــــــــــن أين هو ؟ وكيـــــــــــــــــف هو لا أحد يدري ولن.

الحزب النضالي اليوم يأكل نفسه يتوجه الى داخله كقبيلة مغلقة يعيد انتاج افعاله وأعماله وبناه ورؤوسائه حتى أن الدولة تسبقه سياسيا وثقافيا وخدماتيا بمراحل بعيدة، وكذا المواطن الذي يفترض أن الحزب أي حزب أن مواطنه يفهم لذلك يسعى الى ضمه، هذا المواطن لم يعد يريد ترف النضال بعد أن قرأ وسمع وشاهد التجربة، فهل هناك لزوم لحزب نضالي بعد اليوم؟

وهل الحزب النضالي هو حزب نضالي فعلا؟ وهل النضال بمعناه المعلن أي على طريقة هذه الأحزاب هو ما يراه المواطن الحل ؟

مع كل الزخم التي قدمته الأحزاب النضالية والجهادية الا اننا ما زلنا نتخلف اجتماعيا من كل النواحي العملية كالمشاركة السياسية والمجتمعية والاقتصادية والثقافية . فأي دور لهذا الحزب النضالي أو ذاك أبقى عليه الزمن وتطوراته ، والمهم أية ضرورة أو لزوم له ؟؟؟

سؤال برسم الأحزاب النضالية ( الشاطرة ) بتخريج وزراء كحصة نهائية تعوض عن تاريخها النضالي !! الطويل ؟