أعربت منظمة مراسلون بلا حدود عن بالغ قلقها نتيجة ما أسمته (التزايد المطرد في عدد المواقع الالكترونية المحجوبة في سوريا), والتي وصل عددها بحسب أرقام المنظمة إلى ما يزيد على الـ(100) موقع, إضافة إلى تسجيلها لـ(مضايقات) يتعرض لها صحفيون محليون يعالجون قضايا الفساد في المؤسسات العامة في البلاد.

وتقول المنظمة الدولية أنه أمسى من المتعذر اليوم على رواد الانترنت السوريين ومن دون (سابق إنذار) الولوج إلى العديد من العناوين على الشبكة, ويأتي في مقدمة هذه المواقع موقع استعراض ملفات الفيديو الشهير (يوتيوب), وبوابة التدوين المعروفة (بلوج سبوت), ناهيك عن موقع (هوت ميل), وهو واحد من أكثر مخدمات البريد الالكتروني شعبية في العالم.

المنظمة التي تعنى تقاريرها عادة بمراقبة حرية الصحافة والنشر العالميين طالبت الحكومة السورية في بيان لها تلقت (سورية الغد) نسخة عنه إبداء الأسباب التي دفعت إلى (تضاعف عدد المواقع التي صير إلى حجبها خلال الأسبوعين الأخيرين من الشهر المنصرم).

وشكك بيان (مراسلون) في أن تكون علة الأمر راجعة إلى (عوائق تقنية) محضة, غامزة من قناة وجود خلفية مشتركة لكل هذه المواقع الممنوعة, وهو كونها تحتوي بطريقة أو بأخرى موادا (انتقادية, تنال من أداء الحكومة السورية).

وكان موقع (أمازون) المختص بالتجارة الالكترونية عبر الشبكة الدولية من أواخر المواقع التي غابت عن مشتركي الخدمة في سوريا نهاية تشرين الثاني الماضي.

وفي رد على استفسار من (مراسلين بلا حدود) أجابت الجمعية السورية للمعلوماتية وهي أحد مزودي خدمة الانترنت الرئيسيين في البلاد أن (لا وجود لسياسة خاصة بحجب الانترنت في سورية), وأنّ استعصاء بعض المواقع على الدخول يرجع إلى (مشاكل في أجهزة المستخدمين أنفسهم).

وذكر بيان المنظمة أن موقعا اجتماعيا آخر هو الـ(فيس بوك) تم حجبه منتصف الشهر الماضي من دون إبداء أية أسباب كذلك, إضافة إلى مواقع أخرى تعود في غالبها إلى (منظمات حقوق الإنسان السورية), في حين أمضى صحفي سوري هو حبيب صالح ما يقارب السنتين ونصف في السجن, لقيامه بالكتابة لموقع إيلاف المحظور أيضا, ودائما وفق مصادر بيان (مراسلون بلا حدود), والتي وصفت سورية بأنها أمست مثل (ثقب أسود) فيما يخص تعاطيها مع الإنترنت, بحيث (أصبح حجر الوصول إلى منشورات المواقع المعارضة على الشبكة الدولية سياسة منهجية), في حين تجري (مطاردة الصحفيين المستقلين) الذين يوزعون مقالاتهم عبر الشبكة العنكبوتية الدولية.

وكشفت المنظمة الدولية عن أن السلطات السورية تقوم بمراقبة (المحتوى العام) للانترنت بواسطة نظام فلترة يعرف باسم (Thundercache), والذي يساعد على التحكم بحركة ملفات الفيديو على المواقع الممنوعة.

وقالت المنظمة أنه (وفقا لقانون الإعلام المعمول به في البلاد؛ فإن إصدار حكم قضائي هو أمر ضروري عندما تتعلق القضية بحجب موقع ما), حاثة السلطات الرسمية على تطبيق هذا الإجراء بالذات عند قيامها بحجب المواقع الالكترونية.

ويذكر في هذا الصدد أنّ مدير أحد المواقع السورية المحجوبة قد قام في سابقة محلية وعربية برفع دعوى قضائية ضد وزارة الاتصالات والتقانة السورية مطالبا بإنهاء الحظر على موقعه الالكتروني (النزاهة), وقد ردت الوزارة عليه في حينه برد فريد, رافعة المسؤولية عن نفسها, قائلة أن قرار الحجب إنما صدر عن أحد الفروع الأمنية في البلاد, الأمر الذي دفع بالمحامي عبد الله علي (صاحب الموقع) إلى تضمين مخاصمته القضائية جهة جديدة هي ذلك الفرع الأمني المذكور وإدارته, ولا تزال قضيته منظورة أمام محكمة القضاء الإداري بدمشق حتى هذه اللحظة, في حين يتوقع لجلستها القادمة أن تعقد في الخامس من شباط السنة القادمة 2008.

وكان السيد رئيس الجمهورية قد أعفى في وقت سابق من هذا الشهر السيد عمرو سالم وزير الاتصالات من منصبه, وذلك إثر خضوع هذا الأخير للتحقيق من قبل الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش على خلفية قضية فساد مالي متعلق بعقد أبرمته شركة (بوكو) الصينية مع مؤسسة الاتصالات للعمل على تقديم خدمة (الفوترة والترابط) في المؤسسة نهاية العام الفائت.

ويخضع للمساءلة كذلك إضافة إلى الوزير السابق؛ المدير السابق للمؤسسة العامة للاتصالات هيثم شدياق, والذي كان رئيس مجلس الوزراء محمد ناجي عطري قد أصدر قرارا أعفاه بموجبه من مهامه مع اثنين من معاونيه؛ هما المدير العام للشؤون الفنية ومدير تبادل المعطيات والانترنت, إثر مذكرة التفاهم التي تم توقيعها مع جمعية (بيكتا) بشأن تطوير وحل مشكلات الانترنت في وزارة الاتصالات وتطوير الشبكات في سوريا, وذلك بعد أن كانت صحيفة الثورة الحكومية قد ألمحت إلى أن لجنة التحقيق لاحظت وجود خطأ في الترخيص لمجموعة شركات على أنها جمعية أهلية, حيث أوصت اللجنة في حينه بإلغاء قرار إشهار الجمعية, منوهة إلى أنها المرة الأولى التي يرخص فيها لجمعية غير ربحية من الشركات، في حين كان من الأجدى وفق ما ذكرت الصحيفة أن تعمل هذه الشركات ضمن قانون الشركات المعمول به أصلا.

وفي سياق متصل, وعطفا على قضايا الفساد المشار إليها آنفا, ذكرت منظمة (مراسلون بلا حدود) أن صحفيا سوريا هو وضاح محي الدين يتعرض منذ بضعة أشهر لما وصفته بـ(ضغوطات) أسفرت عن رفع (أربع دعاوى قضائية ضده, ومنعه من النشر في وسائل الإعلام الرسمية), وذلك إثر نشاطه في تحقيقات تتعلق بالفساد في قطاعات الدولة الحكومية.

وتحدثت (مراسلون) في هذا الإطار عن (رسالة) كانت وجهتها وزارة الإعلام السورية في الثاني من كانون الأول 2007 إلى (الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون كما إلى رؤساء التحرير في الصحافة الرسمية) لإبلاغهم بـ(منع) الصحفي محي الدين من النشر في وسائل الإعلام تلك, وذلك على خلفية ما اتهمته (الرسالة) به من القيام (بنشر أخبار خاطئة حول التحقيق في قضايا الفساد في المؤسسات العامة).

وكان الصحفي المذكور قد عمد منذ شهرين تقريبا إلى نشر مقالة في جريدة (بقعة ضوء) المحلية الأسبوعية دعا فيها إلى وضع (الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش) تحت وصاية البرلمان السوري, بدل خضوعها لسلطة رئيس الوزراء, معرضا ببعض الممارسات التي تتم في هذه الهيئة.

واعتبر السيد محي الدين فيما يتعرض له (تصرفات لإخافته وزملائه), مستغربا من هذه الإجراءات, لاسيما أنه (لا ينشر مقالاته في الصحف الرسمية).

وكانت رفعت ضد السيد محي الدين في الأشهر الثلاثة الأخيرة أربع شكاوى اضطرته إلى التوجه إلى المحكمة مرتين أسبوعيا الأقل, وفق ما ذكرت (مراسلون).

على صعيد آخر، من المفترض أن تفتتح في 27 من هذا الشهر محاكمة صحافي سوري آخر هو راشد عيسى, والذي يعمل في صحيفة تشرين الحكومية, حيث أفاد محاميه طارق حوكان، المسؤول القضائي الخاص بالمركز السوري للإعلام وحرية التعبير ،بأن موكله السيد عيسى والذي لم يتلقَ أي مذكرة بالشكوى حتى الآن، ملاحق من طرف مدير دار الأوبرا السورية السيد نبيل اللو بتهمة (الغش) في مقال نشر في أيلول من العام 2007.

مصادر
سورية الغد (دمشق)