مع أن بدايات الأعوام ونهاياتها لا تقدم ولا تؤخر الا بالمعنى الاحتفالي الفلكلوري، الا انها نقطة اصطلاحية ما للنظر الى الخلف (بمعنى ما أنجز) والى الأمام (بمعنى مانريد انجازه). وليس عام 2007 بمختلف ثقافيا عن أعوام مثل 1979 مثلا أو 1956 او غيرهما من الأعوام، فالنقاش الدائر ودوما هو ماذا حصل في العالم وملاحظة تأثيره على وجه الثقافة في صورتها الأكثف أي الأخلاق.

انها النظرة الى الطبقة الشفيفة العليا للثقافة بمعناها المؤثر بعمق تحت رعاية وسائل الاتصال وتكنولوجيا توفير الوقت والعمر، فلم يزل المتنطحون لتقييم الحراك الثقافي (الذي لم يعد محليا) يركزون على قضايا مثل اللغة والبطل الايجابي والاخلاق المستوردة والملابس والاستهلاك الخ على انها قضايا اعتدائية تستوجب الحذر والاعداد ولكن كما في كل مرة ينتصرهذا النموذج الثقافي بغض النظر اذا كان هذا الانتصار بالانضمام اليه كنموذج أو معاكسته معاكسة تامة تفضي الى نقيضه الجدلي وان كان عصابيا بطريقة ما.

المهم في هذه المسألة ان الطبخة ودسمها في العمق وما نناقشه أو نحايله ما هو الا زفرة وجه الطبخة، اذ لا ينفعنا النقيق أن الشبكة العنكبوتية (الانترنت) لا يوجد فيها من المواد في اللغة العربية سوى واحد بالمئة ، ولا ينفعنا الشكوى ان جل متصفحي هذه الشبكة من العرب يستخدمون لغة أخرى، اذ من سيضع موادا (بغض النظر عن نوعيتها وصلاحيتها وفائدتها) باللغة العربية سوى العرب انفسهم واذا لم يكونوامن منتجي المعرفة المعاصرة بشكلها ومضمونها فمن أين تأتي المواد على هذه الشبكة التي لا نكف عن الشكوى من قلة المادة العربية فيها .

فلو نظرنا الى حراك ثقافي سابق مثل الترجمة لوجدنا اننا في آخر قائمة الشعوب التي تترجم من والى لغتها ومع هذا هناك حوار (رقابي) دائر دوما عن صلاحية ما يترجم وهل يصح ام لا ...أي أننا قبل الترجمة نعادند في نتائجها وتأثيرها على الأخلاق ، لدرجة أننا نستطيع وضع حائز على جائزة نوبل في الآداب على القائمة السوداء حتى قبل أن يترجم أو يقرأه الجمهور ويأخذ رأيا وموقفا منه.

المسألة هي أن نأكل من الطبخة من عمقها ودسمها لا أن نكتفي بدور قش الزفرة ونقول عنها لا تؤكل مع العلم اننا كثيرا ما اضطررنا لأكلها لأنه وببساطة لم يبق غيرها من هذه الطبخة الكونية .