تعرضت سوق العقارات السورية لصدمة متوسطة الحجم هوت بأسعار العقارات وقيم الإيجارات في مناطق سكنى العراقيين في العاصمة دمشق إلى النصف تقريبا، نتيجة المغادرة التدريجية لنحو 300 ألف لاجئ (بحسب الإحصاء السوري) أو 400 ألف (حسب الإحصاء العراقي) من أصل 2 مليون إلى بلادهم، في مشهد عكس هشاشة سوق العقارات وأثار مخاوف من تعرضها لانهيار سريع لو انسحبت كل الجالية العراقية. وجاء هذا التطور مخيبا لآمال ملاك العقارات الذين توقعوا استمرار تدفق

العوائد المرتفعة حتى عامين مقبلين، كما أنه أثار مخاوف من تعرض السوق لانحدار قاسي يفقد خلاله نحو 900% من أرباحه السابقة فيما لو عاود العراقيون جميعا إلى موطنهم. وتتعدد أسباب مغادرة اللاجئين العراقيين دمشق ومن أهمها عدم قدرة الكثيرين على تحمل بدلات الإيجارات وأسعار المواد الاستهلاكية، بالإضافة إلى وجود بوادر استقرار أمني في بغداد، ومهما تعددت الأسباب، فإن هناك نتيجة واحدة هي أن عصر الأسعار الخيالية التي أرهقت المواطنين السوريين بدأ ينتهي، وان خطة أمن بغداد وصحوة أهل الأنبار كان له تأثيره الاقتصادي في وسط دمشق وأحيائها. ويفسر السفير العراقي في سوريا حسن عبدالعزيز عودة الناس بالاستقرار الأمني في بغداد وضواحيها، وكذلك بالتسهيلات التي يقدمها البلدان على طريق العودة؛ حيث توفر الحكومة العراقية حافلات مجانية للراغبين بالعودة بالإضافة إلى تأمين طريق العودة. وبينما يقول لموقعنا عبر الهاتف اللاجئ العراقي كريم مهدي (أب لـ7 أطفال) «إنه لم يعد قادرا على دفع 400 دولار شهريا لشقته المكونة من غرفتين وصالة في منطقة جرمانا لذلك قرر المغادرة«، يقول المواطن السوري صلاح أحمد «الحمد لله أنهم بدأوا يغادرون«، ويضيف «لقد انتقلت مع عائلتي المكونة من 5 أفراد للسكن في غرفة واحدة بعد أن أصبح إيجار منزلي المكون من 3 غرف يساوي راتبي لمدة سنة«. وثمة هوامير وقفوا على مسافة واحدة من المواطن السوري واللاجئ العراقي لمدة 3 أعوام وهم ملاك العقارات الذين تحول الكثيرون منهم إلى مليونيرات ساعدهم في ذلك غياب قانون عقاري يحدد سقفا لأسعار العقارات وقيم الإيجارات التي وصلت إلى مستويات غير منطقية. ومع أن الاقتصاد السوري ليس اقتصادا مفتوحا ولا يعمل رسميا بقوانين السوق المفتوحة، إلا أن الأسعار تركت لقاعدة العرض والطلب، مما أثار شكوكا بأن ثمة أيادي طويلة تعمل في الخفاء تتلاعب بأسعار العقارات وهي يد لا يمكن محاسبتها. ومع بدء العود التدريجي للعراقيين خرجت دمشق بقانون عقاري من المفترض أن ينجح في تنظيم السوق، وتقصير تلك الأيادي التي تنسحب مليئة. وفي حال استمرت العودة وتسارعت وتيرتها ستعود أسعار العقارات وقيم الإيجارات وفقا لمراقبين إلى سابق عهدها ما قد يهدد الطفرة العقارية التي جذبت مستثمرين عقاريين خليجيين وشجعت مطورين محليين على ضخ أموال كبيرة في شرايين السوق العقارية بهدف الاستفادة من العوائد الكبيرة التي وصلت إلى 1000% وخاصة الوحدات السكنية وبعض المحال التجارية التي تقع في مناطق سكنى العراقيين. وستكون المشاريع الجديدة كمشروع البوابة الثامنة مثلا الذي تطوره شركة إعمار الإماراتية ورجل الأعمال السوري موفق القداح الأكثر تعرضا لتقلص الهوامش الربحية نتيجة الوضع الجديد؛ لأن السوريين لن يقبلوا على شراء وحدات تجارية أو سكنية بالأسعار التي كانت سائدة في زمن ثورة الأسعار التي أوقد فتيلها المليونا عراقي وقد بدأ أول نصف مليون منهم بالمغادرة التدريجية، مما يعني أن الأسعار مرشحة للمزيد من الهبوط حتى تعاود ما كانت عليه قبل التدفق العراقي.