ومع انتهاء محادثات بوش في إسرائيل، نشرت صحيفة «معاريف» ما ذكرت انها خطة عسكرية «متدرجة وثابتة
وشرسة» أعدها الجيش الإسرائيلي لاجتياح قطاع غزة، واعتمدت بشكل نهائي هذا الأسبوع بعد اجتماع أخير لتنقيحها، حيث تزامن ذلك مع زيارة الرئيس الاميركي. وأوضحت الصحيفة أن جيش الاحتلال يتوقع ان يتكبد مئتي قتيل خلال المرحلة الأولى من المعارك، بينما سيسقط آلاف الضحايا في صفوف المدنيين الفلسطينيين.

ومع بدء الجولة الخليجية لبوش، والتي كان لافتاً استثناء قطر منها، كشف مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) عن
احتكاكين آخرين مع الزوارق الإيرانية وإنما في كانون الاول الماضي، عندما اقتربت زوارق إيرانية سريعة من سفن حربية أميركية مرتين في مضيق هرمز، ما دفع بالبحرية الأميركية في احداهما إلى إطلاق نار تحذيري. وأشار الى ان الحادث الثالث الذي وقع الاحد الماضي وتسبب باحتجاجات شديدة في الولايات المتحدة، كان الأخطر في السلسلة، حتى ولو لم يسجل خلاله أي إطلاق نار تحذيري.

وقال رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الأميرال مايكل مولين إن المواجهة بين سفن البحرية الأميركية والزوارق الإيرانية في الخليج قبل ايام، «تذكرنا جميعاً بمدى التهديد الذي تمثله إيران والى اي مدى نحن مستعدون لمواجهة هذا التهديد اذا استدعى الامر».

وقال مولين في مقر وزارة الدفاع الاميركية «سندافع عن انفسنا وسفننا وسنفعل ذلك بقوة مميتة اذا استدعى الامر»، مضيفاً «افضل منع نشوب حرب على خوضها. كلنا نفضل ان تؤدي ايران دوراً بناءً وإيجابيا بشكل اكبر في المنطقة. وأؤيد استخدام التدابير الاقتصادية والدبلوماسية لتحقيق ذلك». وتابع «لكن ضبطنا العسكري للنفس في التعامل مع تلك المشكلة يجب ألا يُفسر مطلقاً خطأ، على أنه افتقار للقدرة».

من جهة اخرى، وفي خطبة الجمعة في طهران، دعا رجل الدين أحمد خاتمي القادة العرب الى النأي بنفسهم عن بوش، قائلاً «نأمل ان تتمتع دول عربية بالحكمة لعدم ربط مصيرها برئيس يثير الشفقة... سينتهي بعد عام». واعتبر ان «مشروع بوش لإثارة العداء لإيران يشكل كذبة مكررة لن يتم الاستماع اليها لأن جيراننا يدركون ان إيران قوية ستكون افضل صديق لهم... ومن مصلحتهم ان يكونوا اصدقاء لإيران».
من جهته، اعتبر ممثل المرشد الأعلى للجمهورية في «المجلس الاعلى للأمن القومي» الايراني علي لاريجاني ان الدول العربية ادركت حالياً ان «الأميركيين يسعون مرة أخرى إلى ترميم الاوضاع المتزلزلة في إسرائيل لذا يحاولون خلق عدو وهمي».

وكان بوش قد غادر اسرائيل امس، التي دعا «الرب إلى ان يباركها»، متعهداً بالعودة في ايار المقبل للمشاركة في الذكرى الستين لإقامة الدولة العبرية، بعدما زار كـ«حاج» اماكن دينية مسيحية بالإضافة الى نصب «ياد فاشيم» لضحايا المحرقة النازية، فيما تحفظت تل ابيب على حديثه عن توقيع «معاهدة سلام» نهائية قبيل انتهاء ولايته مطلع العام المقبل، كما نأت السلطة الفلسطينية بنفسها عن تصريحاته حول القدس المحتلة وحق العودة التي رفضتها ايضا حركة حماس.
وفي حديث إلى قناة «العربية»، جدد رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل التأكيد على ان الحركة لن تعترف بإسرائيل. وقال «نصرّ على خيار المقاومة. إنه خيارنا الطبيعي. في غضون ذلك، لا نرفض السياسة والجهود الدبلوماسية، شرط ان تقودنا الى حقوقنا. لكن ما يجري الآن رديء».

وأجرى بوش محادثات مع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، فيما من المتوقع أن يتفقد اليوم القوات الأميركية المتمركزة في الكويت. وقال وزير الخارجية الكويتي الشيخ محمد الصباح ان المحادثات «تطرقت الى الأوضاع في فلسطين والعراق والبرنامج النووي الايراني... وأهمية عمل ايران على إزالة اي غموض في برنامجها النووي وخاصة تجاه الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي ما زالت تقاريرها تشير الى الحاجة الى شفافية اكثر في برنامج ايران النووي».

من جهتها، كتبت صحيفة «الرأي» الكويتية في افتتاحيتها «يا فخامة الرئيس، المنطقة تريد مبادرات ذكية لا قنابل ذكية».
وفي كلمته الاذاعية الاسبوعية التي تذاع اليوم، قال بوش انه ينوي ان «يحض» المسؤولين العرب «على القيام بالقسم المتعلق بهم من العمل» من اجل اتفاق اسرائيلي ـ فلسطيني. اضاف ان الولايات المتحدة «ستبذل كل ما في وسعها لتشجيع» المفاوضات و«المصالحة» بين الاسرائيليين والفلسطينيين. وتابع «لكن تقع على المجموعة الدولية ايضا مسؤولية لتقديم مساعدتها. وتقع خصوصا على بلدان الخليج العربية مسؤولية دعم» المسؤولين الفلسطينيين «في مهمتهم من اجل السلام» و«العمل من اجل مصالحة اوسع بين اسرائيل والعالم العربي». وكرر بوش الاعراب عن اعتقاده بأن «اتفاق سلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين يؤدي الى قيام دولة فلسطينية، ممكن هذه السنة» معتبرا ان تحقيق هذا الهدف «يتطلب قرارات صعبة وتنازلات مؤلمة من الطرفين».

وقالت وزيرة الخارجية الأميركية كوندليسا رايس للصحافيين في الطائرة التي اقلت الوفد الاميركي الى الكويت، إن المحادثات التي سيجريها بوش في الخليج ستنتقل الآن إلى «التحديات الاقليمية من جهة، والتهديدات التي رأيناها في الخليج ومشكلة التطرف، سواء كان تطرف القاعدة أو التطرف السني أو إيران وأتباعها مثل حزب الله والجانب من حماس الذي تدعمه إيران». وأضافت ان بوش «سيوضح تماما أن الولايات المتحدة تأخذ بجدية شديدة التزاماتها تجاه حلفائنا في المنطقة». وأشارت الى «فرص لدعم القوى الديموقراطية... قوى الغالبية في لبنان ـ اعتقد انه من المهم جداً ان الجامعة العربية اصدرت بياناً يؤيد إجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان، التي يتعين إجراءها بسرعة». وأكدت رايس ان بوش «سيعود في الذكرى الستين لإقامة اسرائيل».

وكان بوش قد قال، في القدس المحتلة امس الاول، إنه سيحث القادة العرب على «مد الأيدي» الى إسرائيل، وهو ما حرصت رايس على الاشارة الى انه لن يتم فوراً. وقالت الوزيرة الاميركية «لن يكون هناك أي تطور مفاجئ في أي من هذا، لا في هذه الزيارة ولا في الزيارة المقــبلة، لكن هذه عملية للمضي قدماً... سترون أنه مع استمرار العملية الثنائية في المضي قدماً، سيقوم العرب بالمزيد والمزيد... إن بعضاً من ذلك سيحدث مع الوقت».

ومن المقرر ان ينتقل بوش اليوم من الكويت الى البحرين، التي رحب ملكها حمد بن عيسى آل خليفة بالزيارة «التاريخية» لبوش لبلاده التي تستضيف الاسطول الاميركي الخامس، مشيرا الى ان «العلاقات العسكرية التاريخية بين» البلدين «ساهمت على مدى عقود في الاستقرار والامن في الخليج وتأمين طرق الملاحة». أضاف «اننا نشاطر الرئيس الاميركي الرأي ان الديموقراطية هي ضمانة الانتصار في معركتنا المشتركة ضد الارهاب والتطرف والتشدد».
غير ان «المجلس الاسلامي العلمائي»، اعلى هيئة دينية شيعية في البحرين، اعلن في بيان ان «الامة لا تعيش الترحيب ولا القبول بهذه الزيارة التي لن تكون الا لتكريس واقع الغطرسة والهيمنة الاستكبارية»، فيما اعتبر عضو المكتب السياسي لجمعية المنبر التقدمي الديموقراطي (يسار) علي البقارة ان جولة بوش «تندرج في اطار مسعى واشنطن لترويج سياستها العدوانية في المنطقة».

ووجه عشرون نائباً بحرينياً رسالة الى بوش، وقعها سلفيون وإسلاميون ومستقلون، طالبوه فيها بأن «يستمد من تسامح السيد المسيح كل معاني المحبة والتسامي والسلام واحترام الاديان ووقف الحروب والاعتداءات والتلويح بها».
ونظم بحرينيون من ست جمعيات شبابية تظاهرتين في قرية الدراز وأمام مكتب الامم المتحدة في المنامة، احتجاجاً على الزيارة، حاملين لافتات كتب عليها «جورج بوش قاتل الأبرياء» و»التحية للمقاومة في العراق وفلسطين». وأصدر المتظاهرون امام مكتب الامم المتحدة بياناً اعتبروا فيه ان «الزيارة تستهدف عزل ايران وسوريا والإعداد للحرب المقبلة ومواصلة دعم الصهاينة في فلسطين».

ورحب وزير خارجية الامارات الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، بالزيارة التي سيقوم بها بوش الى بلاده غداً، معرباً عن أمله في أن «تفتح آفاقا أوسع للعلاقات الوثيقة بين البلدين» ومشيراً الى ان «الامارات شريك في مكافحة الارهاب».
غير ان صحيفة «غلف نيوز» الاماراتية الناطقة بالانكليزية كتبت، في «رسالة الى جورج بوش» نشرتها على صدر صفحتها الاولى، «نحن نفهم ان اهدافكم الرئيسية خلال هذه الزيارة هي احتواء ايران وبيع المزيد من الاسلحة وضمان امدادت نفطية بأسعار جيدة». أضافت «اما المواضيع الاخرى، كالوعود في مجال الديموقراطية وحقوق الانسان، فلا نأخذها على محمل الجد. إن اعمالكم الرهيبة في هذين المجالين لا تمنحكم اي سلطة معنوية لإعطاء الدروس للآخرين».

وقبيل وصول بوش الى السعودية بعد غد الاثنين، حيث قد يتواجد في الوقت ذاته مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، ذكرت «اسوشييتد برس» ان إدارة الرئيس الاميركي تعتزم ان تبلغ الكونغرس، في اليوم نفسه، نيتها بيع الرياض اسلحة بقيمة 20 مليار دولار، بينها قنابل موجهة، وذلك لكي يتزامن الاعلان بشكل «رمزي ومناسب» مع الزيارة، بحسب مسؤول اميركي. وكان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل قال قبل ايام رداً على تحذيرات الرئيس الاميركي، ان ايران تبقى جارة للملكة السعودية.

عن موقع «السفير».