استمتع بالعودة إلى "العزلة" لأنها بعيدا عن السياسة لونا يشكل فعلنا الاجتماعي ... فهي رافقتني، أو ربما رافقتنا، منذ أن كانت دمشق تغلق نوافذها كي لا يعبر القادم ... فكيف لي أن أتغنى بالجمال الدمشق وأنا لم أخزن في ذاكرتي سوى أسوار المنزل وباحته وبعض من الورد والياسمين التي غرزها النساء على الزوايا المنسية ...

لكنني استفيق اليوم على صخب السيارات فأعرف أن العزلة موجودة رغم انطلاقتي للحياة .. فعل العمل نقيض العزلة؟! وهل انتهاء البيت الدمشقي القديم يعبر عن زمن مختلف؟! المشكلة أنني عرفت الحياة خارج أسوار المنزل وأصبحت ذاكرتي رمادية لكنني بقيت أفكر بأن البحث عن "جمال دمشق" هو نبوءة غير مستحيلة ....

"عزلتنا" ربما تكون صورة متكررة منذ قرون عندما أصبح اللون الاجتماعي أسير فهم مقتول برؤية العائلة أو العشيرة ... فهل نستطيع كسر العزلة للعيش في "مدينة" ... كأنثى أحمل عذري لأنني تفانيت في البقاء داخل جدران المنزل ... لكنني اختنق اليوم في فوضى القبيلة وهي تعيش داخل تصاميم المدينة فتحيلها إلى مضارب تهوى الغزو بالسيارات والعربات، وتعشق الصيد على جوانب الطرقات ..

هذه دمشق كما استفقت عليها ... سيل من العربات والضجيج .. وأكوام القمامة، أو مخلفات القبائل، مرمية في كل لحظة ... وعجز عن اكتشاف جمال قتلناه لأننا اعتدنا الحياة في أزقة وليس "مدينة" ..

الجمال الدمشقي برسم التأسيس إذا كان خيالنا قادر على استعادة خصوبة المدينة ... وإذا كنا قادرين على قتل ثارات القبائل والتعرف على لون المدينة .. إذا كنا قادرين على إبداع رسم خيالي .. تعاوني .. يعيد لدمشق لونها عبر الإناث أو الذكور ... لا فرق ..