رأت أوساط سياسية أن تأجيل الاجتماع بين عون والجميل والحريري برعاية موسى والذي كان مقرراً مساء في مقر المجلس النيابي جاء نتيجة أجواء التشدد التي ظهرت أمس من أقطاب في المعارضة.

وسألت «الحياة» الأمين العام للجامعة عن حقيقة التأجيل الذي أعلن عنه زهاء الثامنة والنصف فقال: «تأجل الاجتماع المقرر الذي عدت لأجله من سورية خصيصاً لأننا كنا اتفقنا على عقده في لقائنا الأول (الخميس الماضي) فور عودتي من دمشق. وحين دخلت باب الفندق أبلغت بأن (المسؤول السياسي في «التيار الوطني الحر») جبران باسيل موجود هنا من أجل إبلاغنا بأن العماد عون اضطر للذهاب الى المستشفى من أجل إجراء فحوص طبية عاجلة نتيجة وعكة ألمت به وأنه لن يستطيع الحضور».

وأضاف موسى: «نحن اتفقنا على الاجتماع على أساس أن العماد عون كان أعد بعض النقاط التي كان سينقلها الى الفريق الآخر في الاجتماع الذي كنا سنعقده، فتقرر أن يجتمع المساعدون عند أطراف الاجتماع من أجل أن يطلعوا على هذه النقاط والتقوا في البرلمان. ونقل باسيل الى المساعدين ما كان سيبلغه العماد عون إلينا».

وحضر عن عون باسيل، فيما مثل الرئيس الجميل مستشاره سليم الصايغ والحريري مستشاره الإعلامي هاني حمود، ومثل موسى مدير مكتبه السفير هشام يوسف.

وقال موسى إنه سيقرر اليوم في ضوء الاتصالات ما إذا كان هناك إمكانية لعقد الاجتماع بين عون والجميل والحريري في ضوء الوضع الصحي للأول. وأوضح ان لقاءاته في دمشق كانت جادة للغاية، «وتحدثنا بالأمر من أوله الى آخره وبكل تفصيلاته، فالموضوع كما تعلمون معقد».

وعن اجتماعه مع رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، والوزير وليد المعلم قال موسى: «تحدثنا في وجوب تحريك عملية تطبيق الحل العربي وبسرعة. والتوقعات في هذا الصدد كانت مرتبطة باجتماع اليوم (أمس بينه وبين عون والجميل والحريري) إلا أن هناك أمرين حدثا هما التراشق الإعلامي بين العماد عون والنائب الحريري، ثم تأجيل الاجتماع».

وكثرت التأويلات عما إذا كان مرض عون سياسياً لتأجيل الاجتماع بعد مواقف صدرت عن الرئيس بري والسيد نصرالله. وقالت مصادر في المعارضة لـ «الحياة» إن عون أصيب بوعكة عادية وأنه قد يحتاج الى يومين أو ثلاثة للابلال منه (حتى الثلثاء)، فيما قالت مصادر في المعارضة ان الرئيس بري كلف النائب في كتلته علي حسن خليل الاستفسار عن صحة الجنرال فقيل له ان بحصة في كليته أحدثت التهاباً وأنه جرى تعليق المصل له، وعاد من المستشفى الى المنزل مساء.

وأجرى موسى بعد تأجيل الاجتماع اتصالات بالقيادات اللبنانية المعنية. وقال بعض الذين التقوا موسى مساء أنه سيقرر اليوم ما إذا كان سيبقى في بيروت أم لا، لأنه إذا تعذر عقد الاجتماع الرباعي فإنه سيدرس إمكان العودة الى القاهرة «لأن من الأفضل أن أقوم بعمل آخر لأن هناك قضايا عربية عدة تتطلب الاعتناء بها».

وفاتح الذين تحدثوا الى موسى الأمين العام بالمواقف الصادرة عن بري والسيد نصر الله وتبين أنه سمع خطاب الأخير، وقال: «الجيد أنه قال إنه مستمر في تأييد المبادرة العربية. وهم متمسكون بطرحهم (في ما يخص توزيع الحصص داخل الحكومة». ونقل زوار موسى عنه قوله: «المهم أن التمسك من الجانبين يجب أن يلين كي نصل الى حل وسط واجتماع اليوم (أمس) كان لهذا الهدف...».

وعلمت «الحياة» أن الشرح الذي قدمه في دمشق عن أن المبادرة تعني ألا تحصل الغالبية على النصف +1 وألا تحصل المعارضة على الثلث +1 مقبول وتمت الموافقة عليه وأنه تحت هذا السقف الأكثرية تطرح توزيعاً للحصص على أساس 15+10+5، فيما تطرح المعارضة 10+10+10. وقالت مصادر واكبت تحرك موسى إنه يعتقد أن بين هذين الحدين يجري التفاوض والمهم ألا تحصل الأكثرية على 16 وألا تحصل المعارضة على 11. وهو كان يأمل بالبحث في الحل الوسط في اجتماع الأمس.

وبينما كان موسى يعلن في دمشق بعد لقائه أمس كلاً من الرئيس الأسد ونائبه فاروق الشرع، وليل أول من أمس رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم آل جبر آل ثاني ووزير الخارجية السوري وليد المعلم في اجتماع مشترك، انه مرتاح الى نتائج زيارته، ويكرر التفسير الذي أطلقه في بيروت لخطة الحل العربي ويقضي بألا تحصل الأكثرية على النصف +1 وألا تحصل المعارضة على الثلث +1، صدرت مواقف مختلفة عن «أوساط سورية»، وعن رئيس المجلس النيابي نبيه بري، فضلاً عن الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله في خطاب طويل ألقاه لمناسبة ذكرى عاشوراء، خلال احتفال حاشد في ضاحية بيروت الجنوبية.

فقد أكدت الأوساط السورية لـ «الحياة» أن تفسيرها هو ألا تحصل المعارضة والأكثرية معاً على الثلث المعطل، بحيث تكون المقاعد متساوية بينهما ومع الحصة الوزارية المخصصة لرئيس الجمهورية ما يعني اعتماد صيغة 10+10+10 في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية.

وأعقب لقاء موسى كبار المسؤولين السوريين في دمشق حيث شدد مرتين على أن «سورية جزء من المبادرة العربية (للحل في لبنان) وساهمت في صوغها والتوصل إليها»، بعد أن أعطى تفسيره لها المغاير لمبدأ مساواة الأكثرية والمعارضة في عدد المقاعد الوزارية، تصريح للرئيس بري لوكالة «فرانس برس» رفض فيه تفسير موسى.

وكان زوار رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري نقلوا عنه لـ «الحياة» تجديده القول إنه «إذا لم يحصل اتفاق سعودي – سوري على الوضع في لبنان فمن الصعب توقع حلحلة الموقف. أما إذا حصل الاتفاق بين الدولتين فإن كل شيء سيجد طريقه الى الحلحلة ولن تعود هناك مشكلة وتصبح كل المواقف المحلية التي تقف حائلاً أمام الحلول بلا قيمة». وابلغ بري زواره إصراره على تفسير خطة الحل العربي بالنسبة الى البند المتعلق بحكومة الوحدة الوطنية والقائم على المثالثة في توزيع المقاعد الوزارية، مشيراً الى أنه إذا وافقت الأكثرية على هذه الصيغة فإنه مستعد للسير بها حتى لو لم يقبل حلفاؤه في المعارضة بها، من أجل التوصل الى حلول «لأنه لم يعد جائزاً أن يبقى البلد في حال الاهتراء التي هو فيها». وقال بري لزواره إنه يصر على اقتراحه أن يجتمع وزراء الخارجية العرب مجدداً وفي بيروت، مطالباً بانتقال الوزراء الخمسة الذين صاغوا الخطة العربية الى بيروت، وهم الى المعلم وبن جاسم، الوزير السعودي الأمير سعود بن فيصل، المصري أحمد أبو الغيط والعماني يوسف بن علوي، لاعتماد التفسير النهائي للخطة، والمساهمة مع موسى في حلحلة الموقف تمهيداً للخروج من الأزمة الحالية.

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)