بين التقرير الذي صدر أمس عن الجيش الأميركي، والذي أكّد مرّة جديدة أنّ الحلفاء الاستراتيجيّين للولايات المتّحدة، في مقدّمهم السعودية وليبيا والجزائر، هم المصدر الأساسي للمقاتلين الأجانب الذين يقاتلون قواتها في العراق، والتكرار اليومي للمعزوفة الأميركية عن مواصلة إيران لتدريبها وتمويلها الميليشيات الشيعية، لم يسجَّل أي جديد نوعي على الساحة العراقيّة، سوى الوساطة التي تقودها واشنطن مباشرة بين حلفائها المتناحرين في بلاد الرافدين، أي بين عرب حكومة نوري المالكي وأكرادها.
عراقي يبكي قريبه الذي قتلته القوات الأميركيّة غرب بغداد أمس (خليل محمد ـ أ ب)عراقي يبكي قريبه الذي قتلته القوات الأميركيّة غرب بغداد أمس (خليل محمد ـ أ ب)وأشار التقرير، الذي أعدّه «مركز مكافحة الإرهاب» التابع للجيش الأميركي في كلية «ويست بونت» العسكرية في ولاية نيويورك، إلى أنّ الوثائق التي اكتشفتها قوات الاحتلال في بلدة سنجار في شمال العراق أخيراً، تشير إلى دخول نحو 606 مقاتلين من المتطوّعين العرب والأجانب إلى العراق في الفترة الفاصلة بين آب 2006 وآب 2007. ولفت التقرير، الذي حمل عنوان «مقاتلو القاعدة الأجانب في العراق»، إلى أنّ تنظيم «القاعدة» نفّذ في العراق أكثر من 4500 هجوم على المدنيين في عام 2007 أدّت إلى مقتل 3870 شخصاً وإصابة نحو 18 ألفاً، مع تأكيده أنّ 9 من بين كل 10 من منفّذي الهجمات الانتحارية، هم من الأجانب، مقارنة مع تقديرات سابقة كانت قد أشارت إلى أنهم يمثلون نسبة 75 في المئة من الانتحاريين.
ورأى التقرير، الذي أعدّه الضابطان جوزف فيلتر وبرايان فيشمان، أنّ 90 في المئة من المقاتلين الأجانب الذين دخلوا إلى العراق حتى آب 2007، جاءوا عبر سوريا، مقارنة بـ75 في المئة في العام الذي سبق.
كذلك يفصّل التقرير في هويّة المقاتلين الأجانب، فيقول إنّ السعودية هي المصدر الرئيسي بنسبة 40 في المئة، تليها ليبيا بنسبة 19 في المئة. ويعبر الليبيّون إلى مصر، وينتقلون بعد ذلك إلى سوريا للدخول إلى العراق. وإضافة إلى ليبيا، بحسب التقرير، فإنّ 40 في المئة من إجمالي المقاتلين العرب من غير العراقيّين هم من بلدان المغرب العربي، وخاصة الجزائر والمغرب.
في المقابل، كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» عن أنّ وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تفكّر في مكافأة قائد قوات الاحتلال في العراق، الجنرال دايفيد بيترايوس، لتعيّنه قائداً جديداً لحلف شمالي الأطلسي بديلاً للهولندي ياب دي هوب شيفر.
وقال «مسؤول رفيع المستوى في الوزارة»، إنّ بيترايوس «يستحقّ مركزاً كبيراً، وقيادة الأطلسي كانت دائماً مركزاً له هيبته». وقدّرت الصحيفة أنّ هذا التعيين لو حصل، سيضع بيترايوس في موقع كبير في الإدارة المقبلة، وهو أمر يثير «مخاوف بشأن الطريقة التي يجري فيها تعاقب قادة الحرب على المناصب».
وفي السياق، أعلن الجيش الأميركي، الذي قُتل 2 من جنوده في عمليتين منفصلتين في منطقة عرب جبور جنوبي بغداد، وفي محافظة الأنبار غرب البلاد، أنّ «انخفاضاً كبيراً حدث في كمية الأسلحة الإيرانية التي تُهرَّب إلى العراق، إلا أنّه لم يحدث أي تراجع في تدريب إيران لميليشيات عراقية وتمويلها».
وقال الأدميرال جريج سميث «نعتقد بأن عدد الأسلحة الآتية من إيران، والتي استُخدمت ضدّ قواتنا وقوات الأمن العراقية، انخفض كثيراً، لكن لا نعتقد بأن معدّلات التدريب تراجعت على الإطلاق، ولا نعتقد بأن مستويات التمويل تقلّصت».
في هذا الوقت، وصل وفد من حكومة إقليم كردستان، برئاسة وزير الموارد الطبيعية آشتي هورامي إلى بغداد، لمناقشة قضيّة العقود النفطية، والاتفاق على تسوية لقانون النفط والغاز.
وكشفت مصادر كردية أنّ الوفد الوزاري «سيجتمع مع المسؤولين في وزارة النفط ومجلس الوزراء في الحكومة الاتحادية»، وأن «مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون النفط، روبن جيفري، سيجتمع مع وفد حكومة الإقليم والحكومة المركزية بهدف تسوية المسائل العالقة بين الجانبين».
إلى ذلك، أعلن مصدر برلماني عراقي أنّ مجلس النواب أجرى أمس قراءة أولى لمشروع قانون «العفو العام عن المعتقلين» الذي رفعه مجلس الوزراء الشهر الماضي، وهي خطوة قد تسرّع عودة وزراء «جبهة التوافق العراقية» الخمسة المستقيلين من حكومة المالكي منذ الصيف الماضي، وخصوصاً أنّ الفترة الماضية شهدت حديثاً جدّياً عن احتمال هذه العودة لتمتين وضع المالكي إذا انسحبت الكتلة الوزارية الكردية من الحكومة، على خلفية الملفّات العالقة، وأهمها قانون النفط والعقود النفطية، ووضع البشمركة، ومدينة كركوك.