سقطت المحرمات السياسية لدى المرشحين الديموقراطيين لانتخابات الرئاسة الأميركية خلال احدى أعنف المناظرات الانتخابية بينهم ليل اول من امس. وتراشق خلالها السناتور باراك أوباما ومنافسته السناتور هيلاري كلينتون بالتهم المتعلقة بماضيهم السياسي وحرب العراق والسياسة الخارجية والاقتصادية، فيما حاول المرشح الثالث جون إدواردز أن ينأى عن الخلافات لكسب نقاط انتخابية.

وطيلة ساعتين من المناظرة التلفزيونية التي استضافتها شبكة «سي. أن. أن» في ولاية ساوث كارولينا، وقبل يومين من الانتخابات التمهيدية فيها، دخل أوباما وكلينتون في مشادة الاولى من نوعها منذ بدء الحملة وتبادلا وجهاً لوجه الاتهامات الشخصية حول رصيدهما وتاريخهما السياسي وتباين مواقفهما وأفعالهما.

وعكس ذلك احتدام السباق بينهما، واحتلال كلينتون المركز الأول مع فارق ضئيل عن أوباما الذي اتهمها بأنها «تحوّر الحقائق حول رصيده» مع زوجها الرئيس السابق بيل كلينتون الذي اعتبر أن معارضة أوباما للحرب في العراق لا تتفق مع تصويته في الكونغرس لاحقاً لتمويلها. كما هاجم أوباما قرب كلينتون من عمالقة الاقتصاد الأميركي مثل متاجر «وال مارت» واتهمها في شكل غير مباشر بأنها ستفعل المستحيل للوصول الى الرئاسة.

وجاء الرد من كلينتون قاسياً، نقلت فيه أوباما الى موقع الدفاع، واستهدفته بمساعدة من ادواردز لغيابه المستمر عن مجلس الشيوخ وعدم اتخاذه أي قرار في أكثر من 100 مرسوم، حين كان في مجلس الشيوخ في ولاية ايلينوي وقبل أن ينتقل الى واشنطن في 2004.

كما أخرجت كلينتون الى العلن العلاقة المشبوهة التي تجمع أوباما برجل الأعمال السوري الأصل أنطوان رزقو الذي يحاكم حاليا بغسل الأموال والفساد في ايلينوي. ونفى أوباما العلاقة الطويلة بينهما، واختصرها بخمس ساعات، فيما سربت حملة كلينتون مذكرة تشير الى الصداقة الطويلة بينهما (15 عاما) وأن الماكينة الانتخابية لأوباما اضطرت الى منح تبرعات رزقو لمنظمات خيرية بعد مثوله أمام القضاء أخيراً.

وحاول إدواردز الاصطفاف مع كلينتون لحشر أوباما في معركة ساوث كارولينا السبت، والتي يتقدم فيها الأخير بعشر نقاط في استطلاعات الرأي، وساعد السناتور السابق كلينتون في ضرب سجل أوباما في التأمين الصحي وغيابه عن جلسات مهمة في مجلس الشيوخ.

وتحاول حملة كلينتون جر أوباما الى موقع دفاعي وإلهائه عن الخط الرئيس لحملته والمرتكز على توحيد الأميركيين، وهو ما نجحت فيه أخيراً بإجباره على الرد على الرئيس السابق بيل كلينتون وانزلاقه في متاهة تبرير مواقفه خلال المناظرة.

وناقش المرشحون الموضوع الاقتصادي الذي يتصدر هموم الناخبين، ومسألة العنصرية في الولايات المتحدة تزامناً مع ذكرى المناضل لحقوق السود مارتن لوثر كينغ، وتقربا الى الناخبين الديموقراطيين في ساوث كارولينا، وغالبيتهم من السود. وأظهر استطلاع للرأي نشر أخيراً أن 70 في المئة من الأميركيين لا يعترضون على فكرة انتخاب رئيس أسود، فيما تهبط هذه النسبة الى 65 في المئة عند الحديث عن انتخاب امرأة للرئاسة.

وكان لافتاً في المناظرة استخلاص المرشحين أن منافسهم الجمهوري سيكون السناتور جون ماكاين، وبالتالي بدء المزايدة على من سيكون المنافس الأكثر فاعلية لهزيمته. وفيما اعتبر إدواردز أنه يستفيد من أصوات ولايات الجنوب، كونه جنوبياً، قال أوباما إن باستطاعته سلب ماكاين أصوات المستقلين وحتى بعض الانجيليين.

من جهتها أبرزت كلينتون قوتها في أي منافسة مع ماكاين في موضوع الأمن القومي وكونها أكثر خبرة من أوباما في مواجهة الجمهوريين.

وأكدت حملة كلينتون أمس أن السيدة الأولى سابقاً ستتوجه هذا الأسبوع الى ولايات فلوريدا وكاليفورنيا ونيو مكسيكو، بدلاً من ساوث كارولينا، في اعتراف ضمني بأن الفوز سيكون على الأرجح لأوباما هناك.

بدورهم يستعد الجمهوريون لمعركة حاسمة في فلوريدا الأسبوع المقبل، سيعود اليها استكمال انطلاقة ماكاين نحو الفوز بترشيح حزبه، أو اعادة الاعتبار الى عمدة نيويورك السابق رودولف جولياني وإحياء حظوظه في الحملة.

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)