السلام يصنع مع الأعداء لكن ليس كل الساسة ينظرون إليه بهذه الزاوية. قد يفاجأ البعض ويغضب البعض الآخر لكن "السلام في الشرق الأوسط يمر عبر دمشق"، كما جاء في مقال في صحيفة إلباييس الإسبانية بقلم مارك هالتر وهو كاتب فرنسي من أصول يهودية بولونية سبقت له زيارة دمشق.

من الخطأ الاستمرار في عزل سوريا, فربما لم تكن من بلدان محور الشر كما يعرفه الرئيس الأميركي, وهي بلد علماني مستعد للسلام يجب فتح حوار معه, وتلك مسألة لا علاقة لها بالأخلاق لكن بالسياسة.

سوريا ناضجة من أجل السلام كما أثبته حضور أحد وزرائها مؤتمر أنابوليس جنبا إلى جنب مع إسرائيل والسعودية العدوتين اللدودتين لحليفتها إيران. سيكون من الخطأ الاستمرار في عزل بلد كسوريا له حدود واسعة من إسرائيل وتركيا ولبنان والأردن في وقت تغرق فيه أميركا في مستنقع العراق وتتخبط بحثا عن سلام إسرائيلي فلسطيني يقبله الطرفان.

على الغرب الاقتناع بأن سياسة النبذ تعمق الاعتماد السوري على إيران, وتحكم على لبنان بالبقاء تحت سيطرة حزب الله, وتقود في نهاية المطاف إلى حرب سورية إسرائيلية.

"

سباق ضد الزمن

سوريا تتفاخر بعلمانيتها, وحتى مفتيها بدر الدين حسون يصف نفسه بالعلماني, وفي بلد 80% من سكانه سنة, لا مستقبل للأسد مع إيران الشيعية, وأسلمة المجتمع ستكون نهاية عصبته ونهاية سيطرة حزب البعث الاشتراكي. لذا المسألة بالنسبة للأسد سباق ضد الزمن لبدء مفاوضات مع إسرائيل والانفتاح بالتالي على الغرب.

ليس صدفة أن يخصص الأسد خطابه أمام قادة حزب البعث كلية تقريبا للسلام مع إسرائيل, وهي ملاحظة لم تنتبه إليها الصحافة الغربية ولا الإسرائيلية.

ما من شك في أن الأسد ليس ديمقراطيا, لكن هل نعرف رؤساء ديمقراطيين كثيرين في الشرق الأوسط؟ وهل علينا فرض نظامنا السياسي بطلقات المدافع كما فعل بوش في العراق؟ ألم يقل ريموند آرون تحديدا "في السياسة لا نختار بين الخير والشر لكن بين الأفضل والممقوت".

السلام بلا سوريا مستحيل, ليس فقط لوزنها في الوطن العربي, لكن أيضا لحسها الوطني المرتفع, وقدرتها الهائلة على زعزعة الاستقرار.

تتهم وسائل الإعلام الدولية سوريا خطأ أو صوابا بأنها على علاقة باغتيال رفيق الحريري, لكن الاتهامات تبقى بلا أدلة حتى الآن.

على الغرب فتح أسواقه أمام السوريين ليساعدهم في التخلص من التأثير الاقتصادي الإيراني, وإذا قبلت إسرائيل التفاوض مع سوريا فستساعد في إضعاف كل المجموعات الفلسطينية التي تتخذ دمشق مقرا لها, فوحده نظام قوي كما هو حال نظام الأسد يستطيع التقدم على طريق السلام دون خشية رد فعل الشارع.