رفض حقوقيون وشرعيون في السعودية الصورة القاتمة التي رسمتها الأمم المتحدة عن وضع المرأة في السعودية، واعتبروا تقرير لجنتها في هذا الصدد «تجاهلاً للحقائق على أرض الواقع». وكانت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز ضد النساء زعمت في تقرير أمس (الجمعة) أن المرأة السعودية تعاني «هيمنة» الرجل المعتمدة على «قواعد مترسخة ثقافياً» وصفوها بالتمييزية ضد النساء، مطالبين بـ «سن قانون للمساواة بين الرجل والمرأة».

وقال نائب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية الدكتور مسفر القحطاني: «وضع المرأة في السعودية يتقدم بشكل ملحوظ، والشريعة الإسلامية التي تطبقها المملكة تحافظ على حقوق المرأة بصورة غير قابلة للمزايدة، على رغم إشكالات في تطبيق بعض الأنظمة، والخلط أحياناً بين العادات والتقاليد والنصوص الشرعية المقدسة».

وأكد لـ «الحياة» أن المساواة بين الرجل والمرأة التي يزعم التقرير الأممي عدم تطبيقها في البلاد كفلتها الشريعة الإسلامية، ولكن بصورة تكاملية، «فهناك مساواة في الذمة والبيوع والتملك، وقبل ذلك في الكرامة الإنسانية. وعلى أرض الواقع كفلت الأنظمة للمرأة حق التعليم، وشاركت المرأة في مؤسسات المجتمع المدني، ومارست حق الانتخاب في هيئات عدة مثل الغرف التجارية وجمعيات الفنون. وهناك مساواة في الخدمة المدنية، ونظام العمل الذي منح المرأة حقاً أكبر».

ولفت إلى أن الجمعيات الحقوقية «تستشكل قضايا لا يملك أي شخص في السعودية التدخل فيها، بصفتها أموراً قطعية في الشريعة الإسلامية التي تطبقها المملكة، مثل الميراث والشهادة والنكاح. أما سوى ذلك من القضايا، كقيادة المرأة السيارة، فقد أعلن خادم الحرمين الشريفين بنفسه ألا عوائق تمنع متى ما رغب المجتمع فيها لكونها قرار يخص المجتمع. وهناك بالفعل قرارات صدرت في صف النساء، لكن لأن شريحة كبيرة من المجتمع ترفضها تعذَّر تطبيقها. وفي كل القوانين للرأي العام في المجتمع اعتبار لدى صانع القرار».

وقال القحطاني: «نحن عندما انضممنا لاتفاق التمييز ضد المرأة سجلنا تحفظنا ضد كل ما يمكن أن يخالف الشريعة الإسلامية في الاتفاق، أما قصور بعض القوانين أو تطبيقها فإن السلطات السعودية مهتمة قبل غيرها بإصلاحها، وهناك لجنة عليا لتقنين أحكام الشريعة على نحو يتجاوز التفسير الفردي ويستفيد من سماحة الإسلام، ومقاصد الشريعة». لكن الناشط الذي يعمل أستاذاً للقانون في جامعة الملك سعود في الرياض، أقر بوجود صعوبات في تمكين المرأة من بعض حقوقها، لأسباب بيروقراطية، واختلاف بين جهات في تفسير بعض القوانين.

واعتبر عضو اللجنة الإسلامية في مجلس الشورى السعودي مستشار وزارة العدل الشيخ عبدالمحسن العبيكان أن «المساواة» التي أشار إليها التقرير «مصطلح مبهم، فما نعتبره نحن مساواة يراه غيرنا عكس ذلك، ولكن جميع العقلاء مجمعون على أن المساواة هي العدل بين الناس، وإعطاء كل ذي حق حقه بما يتناسب مع إمكاناته وتكوينه، وتبعاً لذلك فإن المرأة في مجتمعنا وديننا لها وضع مختلف عن الرجل». وأكد أن نساء بلاده لا يشتكين من الوضع الاجتماعي والديني ، وإنما «يشتكين من ظلم الأزواج وبعض الأولياء، وهذا موجود في كل الدول، ولو أجري استفتاء بين النساء لأكَّد 99 في المئة منهن رضاهن عما يجدنه في وطنهن من تقدير واحترام وحقوق».

وأعلن المتحدث الرسمي باسم هيئة حقوق الإنسان (الحكومية) السعودية الدكتور زهير الحارثي أن بلاده «ترحب بالنقد البناء، مثلما هي ضد التجني ومجافاة الحقائق». وقال: «نحن عضو في مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، وبعثنا وفداً إلى نيويورك بالتزامن مع إعلان التقرير، والآن بصدد تقويم التقرير ودرس الموقف المناسب تجاهه». وأشار إلى أن المملكة تعيش عهداً من الانفتاح، «وسنستقبل بعد غد مقررة الأمم المتحدة لمناهضة أشكال التمييز ضد المرأة، ولن ننكر وجود أخطاء، لكننا نتعامل معها وفق رؤيتنا».

وكانت لجنة الأمم المتحدة لإزالة التفرقة ضد النساء ذكرت في تقرير أصدرته أمس أن نظام هيمنة وصاية الرجل على المرأة في السعودية يحد بشدة الحريات الأساسية للنساء في المملكة. وطالبت المملكة باتخاذ إجراءات فورية لـ«تعديل تشريعاتها لتأكيد أولوية المعاهدات الدولية على التشريعات المحلية».

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)