أدى نشر تقرير الأجهزة الاستخباراتية الأميركية، وإثباته سلمية الأنشطة النووية الإيرانية، الى تقدم التعاون بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران، والى تأخير مناقشة قرار دولي ثالث في الملف النووي الإيراني. وأسهم أمر آخر في كبح الإرادة الأميركية وعزمها على إصدار قرار متشدد وقاس في حق إيران هو الفشل الذريع لبوش ومساعديه في تثمير زيارة الشرق الأوسط العربي. فبوش أراد من الزيارة تحقيق أربعة أهداف، على الأقل، هي بيع الأسلحة لأغنياء الشرق الأوسط النفطيين، وقبض هداياهم، والحصول على دعمهم الكيان الصهيوني، واستثارتهم على الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

والحق أن بوش وفق في بلوغ الهدفين الأولين. وأفلحت زيارة الاستجداء التي قام بها في حصوله على هدايا ثمينة ونفيسة من الذهب والأموال، الى صفقات بمئات بلايين الدولارات لبيع الأسلحة الى الدول العربية. ويعود عليه الأمران بتمويل موازنة حملة الجمهوريين الانتخابية. والحزب الجمهوري يعتاش من بيع الأسلحة. ولكن الرئيس الأميركي فشل في بلوغ الهدفين الآخرين، أي الحصول على الدعم العربي للكيان الصهيوني، وحشد تأييد الدول التي زارها على الجمهورية الإسلامية الإيرانية. فعاد الى أميركا محبطاً. وعمد قادة دول المنطقة، تحت تأثير الشارع الشعبي والتظاهرات التي أحرقت العلم الأميركي، الى إعلان مواقف صريحة من طلبه دعم الكيان الصهيوني. وأكدوا، من وجه آخر، على تعزيز علاقاتهم بالجمهورية الإسلامية الإيرانية. والمواقف الإيجابية التي أعلنتها الدول العربية من إيران جاءت في الوقت الذي كان لا يزال بوش في المنطقة، ما وأد المؤامرة في مهدها، وأنهى زيارته وهو يجر أذيال الفشل.

ونتج عن زيارة الدكتور محمد البرادعي، مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الناجحة الى طهران، ولقائه قائد الثورة وكبار المسؤولين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إعلان عن حل المسائل المتبقية بين إيران والوكالة، في شهر آذار (مارس) الآتي. وإنجاز إيران الكبير لن يعدم التأثير الكبير في قرار مجموعة دول 5+1. فالمساعي الأميركية من أجل إصدار قرار متشدد ضد إيران، لن تلقى إلا الفشل. وتواجه أميركا معارضة قوية في اجتماع 5+1، تحول دون الموافقة على مسودة القرار. وتسعى أميركا لإصدار القرار عن مجلس الأمن الدولي في شباط (فبراير). وثمة احتمال ألا يحصل ذلك. ولكن لا شك، في حال صدور القرار، ان مضمونه لن يكون، من غير قياس، على مستوى ما كانت تطمح إليه أميركا.

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)