هناك مسعى كويتي ـ إماراتي متوازن لإنجاح المبادرة في بيروت وبضمانات عربيّة، وإصرار على ان تكون قمة دمشق «قمة التأكيد على وحدة الصف».
ولا يمكن إغفال ما تقوم به سلطنة عمان ومملكة البحرين على هذا الصعيد بعيدا عن الضجيج الإعلامي، وبالتوازي والتزامن مع ما تقوم به المملكة العربية السعودية ومصر والأردن واليمن، وقد دخلت على الخطّ أيضا بعض دول المغرب العربي إنقاذا لمؤسسة القمة، واحتراما لمبدأ دورية انعقادها في النصف الثاني من شهر آذار من كلّ عام، واحتراما للإعمال التحضيريّة التي تحدد مسار نجاحها ولو على قاعدة «حق الاختلاف في إطار التنافس المشروع خدمة للمصلحة الجامعة المشتركة الضامنة لوحدة الهدف والمصير؟!».
هناك، وفق ما هو متداول، ورشة إنقاذيّة تساوي من حيث جديتها جديّة المخاطر المحدقة بالقمة. وهناك ديناميّة بوتيرة عالية تتحكم بمفاصل هذه الورشة إداء وتحركا وكثافة اجتماعات واتصالات ...
وليس لبنان هو القضيّة، لكن ما يجري بين الفلسطينييّن أولا، ثم بينهم وبين الإسرائيليين هو القضيّة، والقضية أيضا في العراق، والمواقف والمواقع العربية المتباينة المتقابلة المتواجهة من خارطة الطريق التي رسمها الأميركي لمصير ومستقبل هذا البلد العربي. والقضية هي هل للعرب من قضيّة بعد، تستحق منهم إجماع صفوفهم وتوحيد آرائهم وجهودهم وخياراتهم، ام أصبحت كلّ هذه الشعارات «دقة قديمة» أو «عملة زائفة» لا تستحق حتى من يروّج لها؟!.
وتبقى الأزمة المتفاقمة في لبنان هي المقياس والعبرة لا لإنها القضيّة الأهم والألح في اهتمامات العرب، بل لأن المبادرة التي طرحها الاجماع العربي في القاهرة تبقى بمثابة الإختبار الأخير الأكثر رمزية ودلالة في إنجاح القمة؟!.
وهناك في صفوف الدبلوماسيين العرب من يتحدث عن الرابط الوثيق ما بين القمة والمبادرة، لكن الدول الحريصة على إنقاذ الاستحقاقين تدرك تماما بأن ما وافق عليه وزراء الخارجيّة في القاهرة، سبق أن حظي بموافقة لقاء عين التينة بين الرئيس نبيه بري والنائب سعد الحريري بحضور وزير خارجية فرنسا برنار كوشنير يومها جاء مساعد وزيرة الخارجية ديفيد ولش، ليعطّل التوافق ويطرح المواجهة وعلى قاعدة: «انتخاب الرئيس من دون قيد او شرط»، أو من دون المشاركة التي تطالب بها المعارضة في الحكم.
ويستند التحرّك العربي الى مجموعة من الأفكار والمقترحات تندرج في ما يسمّى بـ«ورقتي عمل متلازمتين»، الاولى « الورقة التنفيذيّة» للمبادرة العربيّة، والثانية «الورقة التنفيذيّة» لإنقاذ القمة الرفيعة المستوى حضورا ومشاركة.
وتعالج الاولى مجموعة من الافكار الهادفة الى معالجة العقد الظاهرة والخفيّة على أرض الواقع، مع تقديم ما يكفي من الضمانات لكل الفرقاء مقابل انتزاع موافقتهم على وضع المبادرة موضع التنفيذ وفق مندرجاتها وبدءا بانتخاب الرئيس فورا، فيما تنطلق الورقة الثانية من السعي الى قمة مصغرة ثلاثيّة، والأرجح ان تكون سداسيّة برئاسة السعوديّة (الرئيس الدوري الحالي للقمة) تمهّد للقمة الموسّعة في دمشق وفق جدول اعمال يصار حاليّا التفاهم على خطوطه العريضة من خلال الاتصالات الناشطة.
ويبقى التحدي الكبير: كيف للغيارى على المبادرة العربية معالجة «الفيتو» الاميركي الذي بشّر به ولش، وعاد فأكدّ عليه ديفيد ساترفيلد قبل ايام، حيث وجه صفعة قويّة الى المبادرة، ومنها الى القمة؟.
بعض الحضور الدبلوماسي العربي يؤكد بأن هذا التحدي بقدر ما هو برسم المساعي الهادفة الى رأب الصدع، بقدر ما هو برسم سوريا البلد المضيف للقمة، فهل ستلتقي مع المساعي العربية في منتصف الطريق لإنقاذ القمة من خلال إنقاذ المبادرة؟!.

مصادر
السفير (لبنان)