بقفزة واحدة ما بين الأنثى والسياسية ندخل بيئة لا تختلف كثيرا، فالمشكلة متشابهة، ويكفي أن نتابع حجم التناقض في التصريحات حتى نعرف أن التناقض الاجتماعي هو أيضا افتراق سياسي. فما يدهشني هو الإصرار على الدخول في معارك "كسر العظم" في السياسة أو حتى في قناعاتنا العامة.

في مساحة الأنثى ليس هناك سوى حدين فما بين العاهرة والشريفة لا يوجد أي فراغ أو مجال طبيعي كي تعيش أنثى حياتها دون رصد دائم حتى يتم تقيمها ووضعها على ميزان القيم الاجتماعية، وفي السياسة أيضا لا مجال لخيار ثالث "تفاعلي" قادر على جعل طرفي النقيض يفهمون الأسباب الموضوعية للمواقف الحدية، فنحن دائما أمام مشروعين وطني و "خارجي"، والكل يعتقد أنه موجود في "خانة الوطني"... وهو بالفعل يجب أن يكون هناك ولكن مع "التشاركية" في الرؤية، وليس وفق التصريحات التي نسمعها دائما "متلفزة"، فيرصد الإعلام لنا لحظة الافتراق، بينما تغيب التفاصيل الأخرى.

أحيانا أشعر أن نشرات الأخبار تدخل عقلنا من "الزاوية" الذكورية، لأننا سرعان ما نتبنى المواقف أو نقدم أحكاما، بينما يكون الوطن هو "الضحية"، وهو المساحة الخاسرة من كل معاركنا السياسية أو الاجتماعية. وهذه الصورة زيفت حتى التشكيل الأكثر خطورة، أو الذي تم الاتفاق عليه من "اغتصاب فلسطين" فأصبحنا أمام "تسوية حدية" لا يمكن اعتبارها سلاما، بل حربا من أجل استمرار "العملية" التي تحولت من قرارات دولية إلى "مبادرة عربية".

الإناث دائما "برسم التسليم" سواء للزوج أو للقاتل، والوطن في التصريحات المتطايرة من كل صوب هو برسم "التسليم أيضا لـ"احتكار الحق" أو لحالة اغتصاب جديدة على سياق احتلال العراق، وهذه المقاربة رغم مجازيتها لكنها تظهر كل يوم أمامنا في محاولة الاستبعاد التي يمارسها البعض محاولين "احتكار الحقيقة" بعد أن كانوا يسعون لإيجادها...

لا أريد التلميح أكثر، ولكن المسألة بالنسبة إلي تمتلك حساسية لأنني استطيع رؤية التشابه ما بين الوطن والأنثى.. وما بين المواقف السياسية وعنتريات الذكور، وفي النهاية أشهد سيناريو طويل يخسر فيه الجميع لأن الوطن والأنثى لا يمكن احتكارهما، وهما ليسا حقا لأحد، لنهما المجال الذي تستمر فيه الحياة بعيدا عن حدية المواقف السياسية.