قبل نحو شهر على الموعد المقرر لانعقاد القمة في دمشق ينقسم السوريون إلى متفائلين ومتشائمين بخصوص الوضع العربي عموماً، وهذه القمة التي تلوح دول عربية مؤثرة بأنها لن تحضرها ما لم تسبقها تسوية للأزمة السياسية اللبنانية.

ويدير جانب كبير من الشارع السوري ظهره لهذا الحدث السياسي العربي، الذي يعتبره البعض آخر أشكال التضامن التقليدي بين أنظمة عربية باتت تعرف بدول الاعتدال وأنظمة أخرى تقف على الجانب الآخر ويطلق عليها دول الممانعة.

ويقول رئيس مركز الشرق للدراسات الاستراتيجية د. سمير التقي إنه «في رأيي إن الفراغ الاستراتيجي في المنطقة وافتقار العرب إلى وجود مخطط هام، وضعف قدرتهم على مواجهة تحديات العولمة والقوى الإقليمية والدولية أسهم في تمدد وامتداد دول إقليمية في منطقتهم، وكأن المنطقة فارغة سياسياً».

ويضيف التقي، وهو باحث ومحلل سياسي والمركز الذي يرأسه يعتبر نافذاً في الأوساط السورية الرسمية أن «دولاً مثل السعودية ومصر عندما تغيب عن دورها الرئيسي في العالم العربي، فإن ذلك يبدو مؤشراً يستوجب التساؤل»، ويشير إلى أن «العرب يفضلون دور التابع»، قائلا إن «لا شيء يملأ الفراغ إلا تضامن عربي، والخروج إلى قرارات عربية بمستوى جيد». ويؤكد على أن «بعض الدول العربية لا تملك إرادتها السياسية».

وعما إذا كان يعتقد أن من حق الشارع العربي أن يكون محبطاً وغير مكترث بالقمم العربية وقراراتها، يقول التقي: «نعم. في أغلب الأحيان لا توضع المقررات أو التوصيات كلها موضع التنفيذ، فمن حق الشارع العربي أن لا يثق بالجانب العربي الرسمي، لأن الأخير، أي الجانب الرسمي، لا يستجيب إلى الأول، أي المواطن العربي والشارع العربي».

وعن انعكاس الوضع اللبناني على القمة يشير المحلل السياسي السوري إلى أنه «على العرب أن يوفروا على لبنان دفع ثمن التناقضات الإقليمية، وأعتقد أن الحل في لبنان في الوقت الراهن، يتمثل في الحفاظ على عدم انزلاقه نحو الانفجار».

أما في خصوص ما إذا كان متأكداً من انعقاد القمة في موعدها، يبدي التقي تريثاً في إجابته على هذه النقطة، ويقول «في السياسة ليس هناك يقين. المتغيرات اليومية تؤثر في مجمل الأحداث».

أما الصحافية السورية رؤى شربجي فتقول إن «تراكم القمم السابقة بالشكل النمطي الذي يحتفظ به المواطن العربي في ذاكرته، يخلق نوعاً من اليأس لدى شرائح واسعة من المجتمع في العالم العربي».

وتضيف بالقول إن «القمم العربية مبنية بالأساس على مبادئ قيام جامعة الدول العربية، والتي لا تلزم من يرفض القرار الذي أخذ بالأغلبية بتنفيذه، وبالتالي فإن السلطات العربية أساساً لا تعتبر جامعة الدول العربية أعلى منها في السلطات، كما هو الحال مثلاً في الاتحاد الأوروبي، حيث إن الجميع يتخلون عن أجندتهم الفردية، في معظم الأحيان طبعاً، لصالح المصلحة الأوروبية الأهم».

وفي الوقت الذي يحتدم فيه الجدل السياسي والإعلامي حول القمة المزمع عقدها في العاصمة السورية، فإن السلطات المحلية في محافظة دمشق وما حولها تعمل ليل نهار على إنجاز «طريق القمة» على أرض الواقع.

وهو الطريق الذي يجري تعبيده وتوسيعه وتجميله من مطار دمشق إلى قصر المؤتمرات والقصور الرئاسية التي تم إنشاؤها بمعونة قطرية، في حين دعمت دولة الإمارات العربية المتحدة مالياً إنشاء المركز الإعلامي الذي سيخدّم الوفود الإعلامية التي ستقوم بتغطية أنشطة القمة.

ولكن المفارقة تتمثل في أن عددا من السوريين راحوا ضحية حوادث سير وقعت على هذا الطريق الذي تحول إلى خنادق وحفر بسبب أعمال الرصف والتمهيد، لأن الجهات التي تعمل على إصلاحه لم تلتزم بشروط الإنارة والسلامة المرورية الكافية.

وهو الأمر الذي دفع البعض للقول إن «طريق القمة السياسي وطريق القمة الميداني الذي يربط مطار دمشق بالمدينة يكادا أن يكونا متشابهين، فكلاهما مِكلف ومتعب، ومليء بالصخور، وفيه الكثير من المطبات والمفاجآت». وبين هذا الربط بين السياسي واللوجستي يعتقد العديد من الصحافيين أن القمة لن تنجح في اتخاذ قرارات مصيرية في الوقت الراهن.