على صور أطفال غزة يلملم آذار كل ما تبقى من الماضي، لأن الحرب المفتوحة هي أكثر من فرحة التحدي، أو التوقف لاستعادة الذكريات، فهو في النهاية "اختبار" لقدرة الأول من آذار على صنع ما نحلم به من مجتمع جديد أو إنسان قادر على مواجهة المستقبل بأمل لا تستطيع "المعادلة العسكرية" سحقه.
عندما بدأ الأول من آذار في التأريخ لزمن خاص، كنت أعرف أن المسألة لا تحتاج لوقت فقط، بل أيضا لقدرة على التحدي داخل مجتمع يحاول تكريس هويته، وربما يضيع في متاهة الأحداث المتلاحقة، لكنه في النهاية يستيقظ على معرفة جديدة يختبرها في شوارع غزة أو بيروت، وينتقل إلى بغداد ليجعل من هذه المعرفة سببا للبقاء، فعندما أفهم آذار في إيقاع التحدي القائم اليوم استطيع التمييز بين "وجهي" الذي رافقني طوال الأعوام الماضية، والتفاصيل التي طرأت بشكل مستجد ليس بفعل "الزمن" إنما بـ"المعرفة" التي تضعني على حدود القلق، وعلى جغرافية متفجرة، وربما على حدث "يُراقص" أعصابي.
لم أفرح في أي عام كما يحدث اليوم... لأن المسألة لا تتعلق بالموت الذي يفرضه "الإسرائيلي" في شوارع غزة، ولا بالحرب التي تلوح بها المدمرة كول، فما يشغلني هو "الثقة" التي نستطيع اكتسابها بعل المعارك التي تتلاحق، وربما بقراءتنا لواقع يتهشم أمامنا فنسقط معه لكننا نبقى قادرين على الوقوف من جديد.
هذا الفرح الغريب هو غضب أيضا... هو حالة إنسانية مستمرة معي، فمن يريد المستقبل يعرف أن يستهلك جسده وروحه.. ويعرف أنه ربما يبقى وحيدا وتائها، لكنه في النهاية يستطيع تطويق الدنيا بعشقه، ويلوح لـ"المعرفة" التي لورحلت لتركتنا في "سكينة".. لكنها تجعلنا نموت على ركبنا بينما قرارنا مرتبط بالوقوف لأن الموت يخجل من "الوقفين"... يحترم من يستطيعون اعتبار الحياة "وقفة" عز في غزة أو في جنوب لبنان أو دمشق.
زمن آذار والمدمرة كول هو في النهاية كتابة لتاريخنا كما نشتهيه، بغض النظر عما يمليه النفط.. أو الفساد... أو معارك الديمقراطية الأمريكية في أفغانستان أو العراق أو باقي الشرق الأوسط الذي أتعب البعض لكنه بقي جديدا دون أن تتسرب له "مشاريع" بدأت بالاحتلال ولا نعرف كيف ستنتهي..
زمن آذار لن يكون زمنا مرتبطا بالحشود العسكرية لأنه لنا مهما كانت الصورة قاتمة.. هو زمن المجد لسورية