شر البلية ما يدفع للبحث في "خلافات" القمة العربية، فالتصريحات ترقص على شواء أجساد الأطفال أو على "عويل" خافت لا يريد أن يخرج لأنه يخجل أن يجرح التحدي في غزة هاشم...

الخلاف على القمة كان يؤشر لمجزرة جديدة، لأننا تعودنا ان نحول الأسئلة الحقيقية إلى أجوبة جاهزة، فسؤال هل تنعقد القمة لا يحمل إجابتين: نعم أو لا... بل هناك تفاصيل أضافية عن مسألة الضياع في متاهة التعويض عن الجرح الفلسطيني بعناوين جذابة لأبعد الحدود، بدأ من القاعدة وانتهاء بالحديث عن "مشروعين....

لم استطع أن أرى في غزة حزنا تائها، لأن التحدي كان ينتشر مع "شيطان" الموت نحو آفاق أخرى، لكن الوجع الحقيقي تسرب إلى قلبي لحظة عرفت أننا قادرون على التضحية وبارعون في تكسير السياسية وجعلها تقفز على الدم باتجاه أي جدل بيزنطي بشأن القمة... فأنا أهوى أن أتسلق على الشروط العربية باتجاه دمشق، وأحب أن أتسلى بنغمة المؤتمرات الصحفية التي يستطيع فيها "الأمين العام" أن يخفي خلق نظارته أكثر مما يقول، ويقوم أيضا بالتعامل مع الحروف وكأنها لا تخص شارعا يتم تصفيته بشكل ممنهج...

صورتان ستبقيان في ذاكرة الأجيال: الأولى للمشاهد الحية.. والدم الحار، والثانية للتعبير الذي تحمله البيانات وهي تحاول التسرب إلى أجهزة الإعلام، فتكتب تاريخا لا يمكن قراءته، لأنه مزيج من العبرية والعربية، وخليط من صورة دراكولا بنسخته "الشارونية" ورحابة ابن الصحراء الذي لا يستطيع التبسم لأنه يريدنا ان نموت على ركبنا.. فهل أذكره برواية عبد الرحمن منيف "الأشجار تموت واقفة"...

إذا استطاع البعض نعتنا بـ"الرومانسية"، أو بـ"قدم" الخطاب فلأننا لا نستطيع أن نقرأ الموت على طريقة هوليوود، أو بشكل يجعل من السياسة وكأنها حجة تاريخية يستطيع القادرون على تمويل الفضائيات أن يصدروها كرسائل موت سري.

لكل الباحثين عن توافق عربي لإنجاح القمة.. هذا التوافق أوجده الموت في غزة... و "أسباب نجاحها" متوفرة في قدرتنا على البقاء لأن الموت لم يسجل في تاريخ البشرية قدرة على مسح مجتمع بكامله استطاع حتى اللحظة أن يستمر رغم عطش الدم الذي يحكم "إسرائيل"...

القمة عقدت أو لم تعقد نجحت مسبقا في تقديم العناوين لمجتمع لا ينتظر سوى انتهاء القلق... مجتمع قادر على التحمل بشرط واحد هو أن لا يضيع الدم في جدل بيزنطي حول القمة والرئاسة اللبنانية بينما تقف "كول" على سواحل لبنان، ويسقط الفرح في غزة وتكتسي بغداد لباس الحداد....