ذروة الاختلاف لا تبدو فقط في نوعية التقارير أو المعلومات التي يتم طرحها على مساحة الفضائيات العربية، بل أيضا في "التهشيم" الحاصل" عبر استنزاف عقولنا بحجم التدابير الموجودة في المنطقة، وفي المقابل فإن "الحملات" المعاكسة تحمل من الهدوء والمرونة ما يدفع للتساؤل عما إذا كنا نعيش فوق أرض واحدة؟!!!

بالطبع فإن مشهد الشرق الأوسط لم يكن سابقا كما نراه اليوم، وهذا الأمر لا يعود للتواجد الأمريكي، أو لاختلاف النظر إلى مستقبلنا وربما هويتنا، فهذه المواضيع لا تحسمها فقط "المعلومات" أو التقارير، فهي تحتاج إلى حراك داخلي جامع أكثر من كونه نقطة فصل حدي، أو تعامل مع مخططات وآراء لا يمكن التراجع عنها، وإذا كنا اليوم نسمع الكثير حول الاستراتيجيات القادمة، وربما نشتم رائحة الحرب الموجودة على سواحلنا، فإن الأمر لا يمكن أن يقف على حدود استعراض المعلومات، بل لا بد من التعامل مع كل البدائل عوضا عن "استعراض" المخاطر القادمة.

فيما يحدث اليوم من "تسريب" لتقارير معينة، تخرج عمليا عن مسألة تطبيق معايير الموضوعية، أو الحق في الحصول على المعلومات، وحرفية الإعلام ربما تستطيع اليوم أن تتحرك بشكل آخر لا يعيدنا إلى ذكريات الإعلام الرسمي بقدر التحرك على مساحة الوعي الاجتماعي الذي يجمع بدلا من أن يخلق تباينات تصل أحيانا إلى "الإلغاء".

عمليا فإن "الحرية" التي ظهرت مع فضاء "الإنترنيت" وظهور المحطات على طول العالم العربي، استطاعت كسر بعض الخطوط التي رُسمت عبر الزمن، ولكن في المقابل أصبحنا قادرين على تلمس الخلل في عمليات تعميم الافتراق وكأنه حالة واقعة لا محالة، في وقت يظهر أن المخاطر أكبر من أن تستوعبها مساحة واحدة من جغرافيتنا، وبهذا المنطق فإن كل لقاء مع مفكر أو سياسي أو استراتيجي ينتهي إلى أن "الحرب واقعة"... فهل هذه هي الوظيفة النهائية التي يمكن أن نمارسها؟! وهل بالإمكان الحديث عن حرب بهذا الشكل أمام مشاهد يتابع السياسة كما يتابع "الفيديو كليب"؟!!

بانوراما الشرق الوسط لم تعد تحتمل التوقف فقط لإبراز "الرأي والرأي الآخر" لأن هذا الأمر على ما يبدو انعكس على شاكلة ثقافتنا التي تدخل في مجال "الفضيحة" كلما وقفنا امام رأي آخر يملك على ما يبدو تقارير إضافية... وبالطبع فإن المعلومات والتقارير لا تقف عند حد او رؤية، طالما انها صادرة عن "مراكز أبحاث"، بينما تزداد مساحة "التخمين في القادم...

ريما هي رائحة الحرب كما يتحدث المحللون، أو أنها صورة "الأحلاف" كما يرد عليم آخرون، وبين السجال المستمر هناك فراغ واضح في التعامل مع "الوطن" و "الناس" سواء حدثت الحرب أم لم تحدث، فالمشكلة ليست في استكمال المعلومات، بل في قدرتنا على الاستفادة من إمكانية الطاقة الاتصالية لتحرير أنفسنا من "زخم" المعلومات" و "التقارير" المضادة.