«بِكَم تبيعون الغاز لإسرائيل؟» سألت عضو مجلس الشورى المصري ليلى الخواجة أول من أمس، خلال اجتماع للجنة الصناعة. إلاّ أن وزير النفط سامح فهمي راوغ من دون أن يقدّم إجابة محددة. كانت الجلسة ساخنة، وحاول رئيسها ورجل الأعمال المقرّب من قيادة الحزب محمد فريد خميس، الخروج من المأزق، فقال بهدوء وقوة: «إنها قضية أمن قومي».
صمتت الجلسة لحظات. إلّا أن الخواجة، وهي عضو في لجنة سياسات الحزب الوطني الحاكم، أعادت طرح السؤال على الوزير، رافضة فكرة أن «سعر بيع الغاز لإسرائيل هي قضية أمن قومي»، وطالبت بالشفافية. فبدأ السيناريو التقليدي وتحرّك أعضاء محترفون ليغيروا مجرى الحديث.
وتثير صفقة الغاز مع إسرائيل غضباً سياسياً وشعبياً لا يفوقه الآن سوى الغضب من طوابير الموت التي تصطف بغية الحصول على الخبز. ويسير الاعتراض في ثلاثة اتجاهات:
أولها، أن الحكومة عجزت عن توفير حاجة المصريين من الغاز الطبيعي، وثانيها، أنها تضخ الغاز كي تستخدمه إسرائيل في ضرب الفلسطينيين، وثالثها، أن الصفقة لم تراع المصالح المصرية، إذ ينفد المخزون الاستراتيجي للغاز مع نهاية الصفقة.
وتأتي قضية السعر كإشارة على أن الصفقة تمّت بإرادة سياسية وقعت تحت ضغط أو وفق مصالح لم تُعلَن، إذ كشفت مصادر إسرائيلية أن السعر الذي باعت به مصر هو 1.5 دولارات للمتر المكعب، في الوقت الذي يصل فيه السعر العالمي إلى ١٢ دولاراً.
وفي بلاغ للنائب العام ضد وزير النفط، ذكر محاميان أن احتياطي الغاز لا يكفي مصر لمدة 20 عاماً، ما اضطر الحكومة إلى شراء حصة الشريك الأجنبي بأسعار مرتفعة، ومع ذلك وُقِّعَت اتفاقية لتصدير الغاز لإسرائيل لمدة 20 عاماً.
يشار إلى أنه في نهاية عام 2006، وقَّعت شركة «دوراد» الإسرائيلية للطاقة مع شركة «إي إم جي» المصرية ـ الإسرائيلية، صفقة لتوريد الغاز تصل قيمتها إلى ملياري دولار لشراء الغاز الطبيعي من مصر لمدة 20 عاماً. ويُنقل الغاز المصري إلى إسرائيل بواسطة أنبوب تحت البحر بطول 100 كيلومتر يمتد من العريش في شمال سيناء قرب قطاع غزة إلى ميناء عسقلان قرب تل أبيب.
وفتحت الصفقة من جديد ملف حسين سالم، إحدى أكثر الشخصيات غموضاً بالقرب من الرئيس حسني مبارك، باعتباره أكبر المستفيدين من الصفقة، إذ يملك ٦٥ في المئة من أسهم شركة «شرق البحر المتوسط للغاز»، وهي الشركة الوحيدة التي تملك الحق في تصدير الغاز من مصر إلى إسرائيل. أما العميل الرئيسي للشركة فهو مؤسسة الكهرباء الإسرائيلية التي ستشتري منها نحو 206 ملايين قدم مكعب يومياً طوال 15 عاماً.
وباعتبار سالم صديقاً، ويقال إنه «شريك الظل»، لقيادات كبيرة في مصر، فإنه من المحميات السياسية. والصفقة واحدة من هدايا على مجهود الملياردير الذي عمل في سلاح الطيران مع مبارك، الذي يعيش خلال إقامته في شرم الشيخ في قصر يقع في قلب مدينة سياحية يمتلكها سالم الذي يلقب بملك شرم الشيخ غير المتوج.