مرّت، أمس، ذكرى عام كامل على المنفى القسري لرئيس حزب التجمع الوطني الديموقراطي، عزمي بشارة، والذي جاء نتيجة مؤامرة كبيرة نسجتها المؤسسة السياسية والأمنية الإسرائيلية بالتواطؤ مع المؤسسة القضائية.

المنفى جاء بعد محاولات حثيثة ومتتالية لتقديمه إلى المحاكمة السياسية ورفع الحصانة عنه وشطب حزب التجمع الوطني الديموقراطي. وقد باءت جميع هذه المحاولات بالفشل، إلى أن وضعت الأجهزة الأمنية ثقلها في قضية بشارة، محوّلة التهم «الدستورية» إلى «أمنية»، وموجهة إليه تهماً خطيرة المضمون، في صلبها «مساعدة العدو أثناء الحرب» (عدوان تموز) و«الاتصال بعميل أجنبي»، ما اعتبره بشارة «تغييراً لقواعد اللعبة»، نافياً التهم، وكاشفاً عن السعي إلى تحويله من مثقف وسياسي عربي إلى «مخبر».

لا تزال تداعيات القضية تتفاعل، ولا تزال المؤسسة الإسرائيلية تلاحق نشطاء «التجمع الوطني الديموقراطي»، في محاولة لشرذمة الحزب وفكرة «دولة المواطنين» المناهضة للدولة اليهودية، ومنعهم من لقاء بشارة وترهيبهم من مواصلة نشاطهم في الحزب.

يحيي «التجمع الوطني الديموقراطي» حالياً سلسلة نشاطات بمناسبة مرور «عام على المؤامرة». كان أولها ندوة في مدينة الناصرة يوم السبت تحت عنوان «عزمي بشارة القضية والفكر». وسينظم الأسبوع المقبل مهرجاناً في قرية مجد الكروم حول المحور نفسه.

ويقول رئيس كتلة «التجمع الوطني الديموقراطي» البرلمانية، جمال زحالقة، إن بشارة «أحدث انقلاباً في الخطاب السياسي وطرح مشروعاً سياسياً متميزاً أثّر بشكل عميق على الشباب والمثقفين وعلى السياسيين والمجتمع السياسي العربي»، مضيفاً أن بشارة «طرح قضايا لم تكن مطروقة من قبل، وصاغ مطلب المساواة كمشروع مناهض للصهيونية من خلال مشروع دولة المواطنين».

ورغم الغياب القسري، يرى زحالقة أن أفكار بشارة «لا تزال حيّة، وتمثل المستقبل السياسي لفلسطينيي الداخل والناس يقتربون منها أكثر ولا يبتعدون عنها»، مشيراً إلى أن «حتى الذين وقفوا ضد بشارة، لضغائن سياسية، يحاولون اليوم تقليده وتقليد خطابه السياسي».

ويشير المحلل السياسي والناقد أنطوان شلحت إلى أنَّ «بشارة شغل حيّزاً سياسياً وفكرياً كبيراً على الساحة الفلسطينية في الداخل وبصورة عامة»، مضيفاً أنَّ بشارة تميز «بفكره وحراكه السياسي وامتلاكه قدرة خارقة للعادة على تشخيص الحالة السياسية الإسرائيلية عموماً والحالة الفلسطينية، وخصوصاً حالة الفلسطينيين في الداخل».

ويشير شلحت إلى أنَّ شعوراً يتملّكه «بأننا ناقصون، بعد غيابه القسري»، لكنه يقول أيضاً «إن هناك ما يعوّض هذا الغياب وهو استمرار صلته بالحركة الوطنية التي باتت فاعلة ومتجذرة، وخصوصاً أن الخطاب السياسي والفكري لبشارة تجاوز الحزب الذي أسسه وانتمى إليه، إلى سائر الأحزاب والقوى السياسية الفاعلة، وأصبح بمثابة نموذج يحتذى».