نشرت مجلة "اتلانتيك مونثلي" المرموقة مقالة للكاتب الاميركي يهودي الاصل الحائز على الجوائز جيفري غولدبرغ الذي هاجر الى اسرائيل وخدم في الجيش الاسرائيلي. طرح فيها اسئلة عدة بمناسبة اقتراب احتفالات اسرائيل بمرور ستين عاماً على قيامها، هي في غالبيتها أسئلة تشكيك وتحريض اثارت لغطا سياسيا وايديولوجيا. ووضع غولدبرغ نصب عينه استمرار بقاء اسرائيل وسط محيط شرق اوسطي سريع التغير، وتساءل: كيف يمكن لاسرائيل البقاء خلال السنوات الستين اللاحقة في جزء من العالم تنهض فيه مجموعات مثل حركة "حماس"؟ أو كيف يمكن لاسرائيل ان تزدهر اذا كان جيشها لا يستطيع هزيمة فرق صغيرة من مطلقي الصواريخ؟ وهل تركيز هذا العدد الكبير من اليهود في مساحة صغيرة تعاني رهاب الاماكن الضيقة في اكثر مناطق العالم تقلبا يعرض للخطر قدرة الشعب اليهودي على البقاء؟

وصرح غولبرغ، الذي لم يختر عنوان المقالة، في تصريح لصحيفة "جيروزاليم بوست": "ان اليهود الاميركيين بشكل خاص يحتاجون الى ادراك ان الامور غير مستقرة. ومن الجيد طرح الاسئلة الكبيرة، وليس هناك خطأ في ذلك".

وفي البحث عن الاجابات، تحدث غولدبرغ الى مجموعة متنوعة من السياسيين والكتاب والناشطين الاسرائيليين، ومن ضمنهم رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت.

ومدفوعا على وجه الخصوص بمقتل يوري نجل المؤلف اليساري دافيد غروسمان في حرب لبنان الثانية، والتي تعتبر محور التركيز الرئيسي للمقالة، طرح غولبرغ على اولمرت السؤال التالي :"لماذا تعتبر اسرائيل من الناحية الملموسة اقل امنا لليهود من اميركا؟"

واجاب اولمرت: "اليهود ليسوا اكثر امنا في اسرائيل من اجزاء اخرى في العالم، ولكن هناك مكانا واحدا يستطيع فيه اليهود المحاربة من اجل حياتهم كيهود، وهو هنا".

وتغطي القصة ما يرى فيه غولدبرغ خطرا من الداخل – من وجهة نظره، وهو تقدم الحركة الصهيونية في احباط رغبة الاكثرية، من خلال جعل حل الدولتين غير ممكن التحقيق.

وقال غولدبرغ: "انا قلق. يمكنك محاولة الدفاع عن نفسك قدر المستطاع ضد التهديدات الخارجية، ولكن عليك ان تكون مدركا للتهديد الداخلي ايضا. وانا قلق جدا ازاء مستقبل اسرائيل في السنوات الـ10 – 15 المقبلة. وانا قلق ازاء ازالة الشرعية، وهي عملية يمكن لاسرائيل المساعدة فيها على الدوام".

ويرى المؤلف الاسرائيلي ليونارد فاين ان تحذيرات غولدبرغ مثيرة للاهتمام، ولكنه اعتبر ان عنوان المقالة تحريضي بلا داع. وقال فاين: "انه يكسر القلب، ولكنني اعتقد اننا نبالغ في الامر. وعندما اقوم بتقييم التقدم الاقتصادي والمساهمات العلمية لاسرائيل، فانني قلق جدا ازاء الاعوام الستين القادمة، واظن انه من المناسب جدا قول ذلك في الوقت الحالي، بدلا من ان نعطي انفسنا هدوء عشية عيد الميلاد الاميركي".

والكثيرون يقولون ذلك، مثلما ان عددا كبيرا من المقالات في الصحف رأت في المناسبة الاسرائيلية سببا للتفكير النقدي والذعر بدلا من الاستحسان.

وقال مدير الرابطة الوطنية لمكافحة التشهير ابراهام فوكسمان، الذي شاهد غلاف المجلة ولكنه لم يقرأ المقالة بعد: "ان مرور ستين عاما هي لحظة تاريخية لدى المواطن ولدى الدولة. ولذلك فانها تقدم فرصة واغراء للاصدقاء والاعداء للتحليل والوعظ، وهذا ما سوف نجده. نحن سنجد اشخاصا يتنبؤون بأمور عظيمة ويتوقعون امورا رهيبة ويسألون اسئلة مؤلمة". واضاف:"هناك اسئلة عادلة. والاسرائيليون يطرحونها، واصدقاء اسرائيل يسألونها من منطلق الحب والصداقة. وانا لست منزعجا من الاشخاص الجيدين والمهتمين، الذين يكافحون لطرح هذه الاسئلة، مثلما هو الحال مع غولدبرغ".

واشار فوكسمان الى ان سببا آخر لعدم انزعاجه هو انه يتذكر اثناء الاحتفالات في الذكرى الخامسة والثلاثين لتأسيس اسرائيل انه سمع اناسا يتساءلون: "هل ستستمر اسرائيل في الوجود للذكرى الخمسين؟ ". وهو سؤال تمت الاجابة عليه بالفعل.