يحرضني على استمالة الحياة نحو الصورة الأكمل، فما أشاهده يتجاوز نمطية الاحتفال الذي أصبح مملا في شكله، وربما ليس غريبا أن يكتمل المشهد مع صورة الربيع أو الجلاء، ومع نتائج "الخصب" الذي يقرع أبوابنا في نيسان.

لا أعرف من أسماه "نوار".. ربما كان يصادق كل الإناث ويكتشف أن نيسان يكتمل بفيض العشق الذي يخترق كل الحواجز، فيصبح الوطن ضوء في أعين مراهقة بدأت تعرف الحياة، وشرعت جسدها للخصب الذي يلف المكان، فهو جلاء لأنواع الكبت التي تخشبت على جباهنا، فاستطعنا كسرها ولو لمرة واحدة، ففي نيسان.. نوار.. لن نختلف على تسمية الشهر نشهد إصرار على "الولادة" وعلى تعلم العشق والوطنية، وربما نترحم على نزار قباني الذي غادرنا في نيسان أيضا تاركا لنا خصب الخيال الذي تحرر من عذريته.

افتح ذراعي وأنادي الفرح "الجامع"... العشق الذي يعيد رسم التاريخ خارج مناطق "التدمير الشامل"، وأحاول أن أفرح من جديد وسط نشوة "غزة" بحصارها، والعراق بـ"موتها" المتجدد، ففي كلا الحدثين انتصار على مساحة رمادية كانت دائما غاية لكل قادم من "الغرب"...

ولم يلومني على الفرح استطيع أن أرافقه لمساحات التحدي التي تحمل الحزن لكنها تجعلني أتنسم رائحة الجلاء... الجلاء في العراق... أو غزة... فالثمن ندفعه يوميا لكننا بحاجة لتخصيب الفرح كل لحظة، فمن رحمه ترتعش الأرض وتصبح قادرة على الاستمرار في التحدي.

وأتلمس "شغب" العشق الذي ينتقل على مساحة الوطن مكررا أهازيج شعبية نسيتها الأجيال، لكن التحدي على أرضنا ينتقل بالوراثة، والرغبة بالعشق هو التراث الحقيقي، أما الملحمة التي نستطيع كتابتها في كل نيسان يأتي فهي رغبة تعربش على أجساد النساء، وتملئ الذكور برجولة لم يعتادوا عليها.. رجولة قادرة على إخصاب الوطن... وعلى البقاء رغم انهم وقود الحياة...

إنه الجلاء.. العشق.. التحدي... الرغبة في أن نجعل يوما في حياتنا يتفوق على أي رمز يمكن أن "يشرذم" المناسبة، فهو يتكرر كل يوم إذا أردنا أن نعشق التحدي لأننا في النهاية أبناء الحياة.