استمر الرئيس الأميركي الأسبق، جيمي كارتر، في تحدّيه لضغوط الإدارتين الأميركية والإسرائيلية لمنع لقاءاته مع قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، فوصل إلى دمشق أمس، المحطة الأبرز في جولته الشرق أوسطية، حيث التقى الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، خالد مشعل، ناقلاً إليه طلباً، رفضته الحركة، من زعيم حزب «شاس»، إيلي يشاي، للقائه.

وذكرت مصادر مطّلعة في العاصمة السوريّة أن مباحثات الأسد وكارتر، التي حضرها وزير الخارجية السوري وليد المعلم، تطرقت إلى قضايا المنطقة والعلاقات السورية ـــــ الأميركية وموضوع السلام.

وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» أن الجانبين ناقشا «أهداف جولة كارتر والعلاقات السورية الأميركية والأوضاع المأسوية في غزة والتطورات السياسية والأمنية في العراق والوضع في لبنان وعملية السلام في الشرق الأوسط». وشدد الطرفان على «أهمية تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة ودعمهما لمبدأ الحوار لإيجاد حلول سياسية للقضايا القائمة وحشد الجهود من أجل رفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني وفك الحصار عن غزة».

وقالت مصادر سورية رفيعة المستوى، لـ«الأخبار»، إن «المسؤولين السوريين مرتاحون جداً لزيارة الرئيس كارتر، ويقدّرون عالياً الجهود التي يبذلها لإحلال السلام والاستقرار في المنطقة»، فيما قالت مصادر دبلوماسية إن السفارة الأميركية في دمشق غير متحمّسة لزيارة الرئيس الأسبق كارتر إلى العاصمة السورية، ويقتصر اهتمامها على تأمين الحماية الأمنية لتنقّلاته، ولا علاقة لها ببرنامج الزيارة واللقاءات التي سيجريها.

والتقى كارتر مشعل في أحد مكاتب الحركة في العاصمة السورية، في حضور نائب رئيس المكتب السياسي موسى أبو مرزوق والقيادي فيها محمد نزال.

وقال أبو مرزوق، لوكالة «فرانس برس» قبيل بدء الاجتماع، إن «هناك ثلاثة مواضيع أساسية سيتمّ بحثها، وهي: الجندي الأسير (جلعاد شاليط) والتهدئة (في قطاع غزة) وفك الحصار» الإسرائيلي المفروض على القطاع.

وكان نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيلي يشائي، قد عبّر أمس عن استعداده للقاء مشعل من أجل التوصل إلى صفقة بشأن تبادل الأسرى. ووجّه رسالة في هذا المعنى عبر كارتر، الذي كان قد التقاه الثلاثاء الماضي.

ونقل المتحدث باسم يشاي، روعي لحمانوفيتش، عنه قوله لكارتر إنه «سيسعد بلقاء أي شخص معنيّ، بما في ذلك مشعل» ليطلب إطلاق سراح شاليط والجنديين الإسرائيليين لدى حزب الله.

في المقابل، رأى المسؤول الكبير في وزارة الخارجية الإسرائيلية، عاموس جلعاد، أن «لقاءً كهذا سيكون مخجلاً... إن الهدف الاستراتيجي لحماس القاضي بتدمير دولة إسرائيل لم يتغير».

وفي ردّ على عرض يشاي، قال محمد نزال، لفضائية «الجزيرة» القطرية، إن «سياسة حماس هي الامتناع عن الالتقاء مع مسؤولين إسرائيليين. إن موضوع شاليط يمكن بحثه (مع إسرائيل) من خلال قنوات غير مباشرة. فحماس ليس لديها مانع من التفاوض (مع إسرائيل) عبر وساطة». وأضاف أن «حماس تقدّر ما كتبه كارتر عن عنصرية السلطات الإسرائيلية سواء في موضوع الجدار العازل أو سياسة التمييز العنصري»، في إشارة إلى كتاب لكارتر قارن فيه بين الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية ونظام الفصل العنصري السابق في جنوب أفريقيا.

وكان كارتر قد التقى، أول من أمس، القياديين في «حماس» محمود الزهار وسعيد صيام في القاهرة. وقال الزهار، أمس، إن كارتر «تحدث عن مبادرات إنسانية تتعلق بالتهدئة والجندي شاليط والحصار. وقد وعد وفد حماس بإعطاء ردود بعد استكمال التشاور في الدوائر الداخلية» للحركة. وأضاف أن المباحثات «كانت صريحة، وكان هناك اتفاق في وجهات النظر. وسيتم استكمالها في لقائه مع رئاسة المكتب السياسي لحماس في دمشق».

كما التقى وفد «حماس» مدير المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان. وقال المتحدث باسم الحكومة المقالة طاهر النونو إنه «تم البحث في كل القضايا بما فيها التهدئة». وتابع «عبّرنا عن إصرارنا على فتح كل المعابر إذا تم التوصل إلى تهدئة مع إسرائيل... وكان (هناك) تفهّم من الأشقّاء المصريين».

وقال النونو «نؤكد العمل على تحقيق تهدئة بما يخدم الشعب الفلسطيني، شرط أن تفتح كل المعابر وتوقف كل أشكال العدوان من دون مماطلة، وضرورة فتح معبر رفح (الحدودي مع مصر) بحيث لا تتحكم إسرائيل بفتحه وإغلاقه»، مضيفاً أن البحث جار «في الآليات التي ستتم فيها إدارة المعبر بمشاركة الجميع».

وعن شروط إسرائيل للتهدئة، قال النونو «استمعنا إلى وجهة نظر مصر وموقفهم من الشروط. ونحن أكدنا أن بعض الشروط (الإسرائيلية) غير منطقية، مثل قضية وقف التهريب في البر والبحر لأن الفصائل لا تقوم بالتهريب». ووصف زيارة وفد «حماس» للقاهرة بـ«الناجحة»، مؤكداً «لا توجد أي أزمة بيننا وبين مصر، بل أكدنا حرصنا على تمتين العلاقات بيننا وسنحافظ على علاقة قوية، وقد كان ارتياح كبير في اللقاءات».