عندما قال النجم المصري عادل إمام" الناس ح تأكل بعضها يا أبو حميد " في مسرحية "مدرسة المشاغبين" أضحك الملايين ، ولكن لم يتوقع السوريون أن يصلوا إلى هذه المرحلة وان يكرروا هذه الجملة يوميا مع موجة الغلاء التي تعصف بهم ، وفي ازدياد الخط البياني للازمة الاقتصادية إضافة إلى أزمة الضمير ، أو العكس في الترتيب ، "بات يطيب للناس أن يدخلوا أيديهم في جيوب بعضها " ، كما يقول احمد حموي (موظف) لـ"إيلاف" " يافتاح ياعليم يارزاق ياكريم ، منذ الصباح الباكر عندما اخرج من عملي أحس أنني أتعرض لمؤامرة بدءا من سائق التاكسي الذي يريد أن يحتال علي ليأخذ أكثر من العداد حتى بائع السندوتش ، لزملائي في العمل ..... إلى بائع الخضار واللحوم في طريق العودة إلى المنزل ".
أما عماد (محامي) فقال إن الشعب العربي يعيش الأزمتين الاقتصادية وأزمة الضمير ، وتساءل " لكن من منهما بدأت أولاً ، فالعرب رغم كل ما يملكون من ثروات وموارد طبيعية وموارد بشرية للأسف ليست مسخرة لصالحهم إنما هي متركزة بيد مجموعة أو شريحة واحدة .. والشعوب ليست مستفيدة لا من مواردها ولا من مقدراتها ما سبب أزمة اقتصادية وفقر واستغلال جعل الموارد محصورة في أيدي ثلة ....وشيء طبيعي أن ينتج عن هذه الأمور الاقتصادية أزمة ضمير ،فحين يصبح المواطن مرهون برغيف الخبز سيضطر لأن يبيع كل قيمه وأخلاقه مقابل الحصول عليه وإلا سيموت جوعاً والمواطن حين يرى أن أمواله تسرق أمام عينيه وحقوقه تغتصب والفساد ساري والرشوة سارية سينشأ عنده ردة فعل تجاه كل شيء وخصوصاً المال العام الذي يعتبره من حقه وهو أولى به من غيره أي يمكننا القول أن أزمة الضمير التي وقع فيها الشعب العربي أوقعنا فيها الحكام قبل كل شيء وأوقعنا فيها الغرب الذي سلبنا وتركنا نتخبط بعجزنا وسرق منا حتى ضمائرنا" .
وان كانت الحكومة السورية تعتبر أن سبب الغلاء الأخير هو ازدياد الطلب ونقصان العرض إلا أن اغلب السوريين يعتبرون أن العرض كثير وهناك بضائع مكدسة ولكن هناك بعض التجار بلا ضمير يستبيحون أموال الناس .
ورأى مازن (مدرس ) "أن أزمة الضمير هي التي أوصلتنا إلى الأزمة الاقتصادية فحين ينعدم الضمير والمبادئ ينعدم كل شيء ويتعدى الخطوط الحمر ويؤدي ذلك إلى الفلتان والى الأزمات والأزمة الاقتصادية من نتائج أزمة الضمير فمن ليس لديه ضمير سيمد يده إلى جيوب الآخرين وسيبيح المحرمات وأصبحنا الآن في زمن لم يعد للقيم والمبادئ قيمة ولا للأخلاق قيمة وأصبح هناك ابتعاد عن الدين بشكل عام فالدين يهذب الضمائر ويأخذ صفة المراقب أما عندما يغيب الدين الضمير يغيب معه" ، وأضاف مازن "أيضا هناك علاقة متبادلة بين الأزمة الاقتصادية وأزمة الضمير فالفقر يسبب الابتعاد عن المبادئ والقيم التي هي أصل الضمير كما أن الابتعاد عن القيم يسبب أزمة اقتصادية وللأسف في بلداننا نعيش أزمة في كل شيء وليس أزمة اقتصادية فقط حتى أننا نعيش أزمة عقد متوارثة ومتراكمة وأزمة تخلف وجهل وأزمة ثقة بالمسؤولين أي على كافة الأصعدة نعيش الأزمات".
وقالت ابتسام جمعة (مديرة معهد تعليم لغات ): برأيي أن أية أزمة نعيشها في بلداننا منبعها اقتصادي بالدرجة الأولى لان أي حل لأي مشكلة مهما كانت صغيرة أم كبيرة فردية أم جماعية تحتاج إلى التخطيط والتمويل وحين ينتفي شرط التمويل فلا قيمة للتخطيط أبداً ولا قيمة للطموحات ، والشعب العربي ليس مختلفاً عن غيره من الشعوب المبدعة ولا ينقصه القدرات الإبداعية ولا التخطيط إنما ينقصه التمويل والدعم المادي ولا أتكلم عن الحكومات التي أصابها الكساد إنما أتحدث عن الشعوب فالدعم المادي يذهب لأناس معينين ، وحين يرى الناس أنهم بحاجة للمال سيبتعدون عن المبادئ وحين يخيرون بين القيم والمال سيختارون حتماً المال لأنهم بحاجته .
وأكد فادي (موظف) انه أمام إغراء المادة التي أصبحت كل شيء في حياتنا لم يعد احد يحسب حساب للضمير والقيم الآن الأخ يبيع أخاه مقابل مبلغ صغير من المال حتى لو لم يكن بحاجته لان الضمير أصبح موضة قديمة والمصلحة أصبحت هي السائدة في المعاملة ، ولا يمكننا تحديد أي أزمة سببت الأخرى لكن يمكننا القول أننا تحولنا إلى مجتمع تتشابك فيه الأزمات لدرجة التعقيد وأصبح الفساد والرشوة من الأعراف السائدة، أيضاً يمكننا القول أننا نملك الكثير وبلداننا غنية لكن الضمير المصادر والميت حرم الشعوب العربية من التمتع بخيراتها ، فموت الضمير بدأ من الحكام ثم انتقل إلى الشعوب.

مصادر
ايلاف