الاتهامات الأميركيّة لإيران بدعم الميليشيات العراقيّة ليست جديدة. كما أنّ التلميح إلى ضلوع قياديّين في حزب الله بعمليّات تدريب لمقاتلين عراقيّين بالتنسيق مع «فيلق القدس» و«الحرس الثوري» الإيراني عموماً أيضاً قديم. غير أنّ اتّهام المتحدث العسكري الأميركي في بغداد العقيد دونالد بيكون أمس لحزب الله بتدريب عناصر من «الميليشيات الشيعية» في إيران هو الأكثر دقّة وتحديداً من سابقاته.

فبيكون قال لوكالة «أسوشييتد برس»: «لدينا معتقلون عديدون يصرّحون بأن حزب الله اللبناني يدرّب عراقيين في مخيمات إيرانية»، مشيراً إلى أنّ التقارير الأولى عن علاقة حزب الله بالميليشيات العراقية، ظهرت من عام 2007 عند إلقاء القبض على قائد «المجموعات الخاصة» قيس غزالي، وعلي موسى دقدوق، الذي تزعم القوات الأميركية أنه «قائد كبير» في حزب الله.

وفي السياق، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين أميركيّين قولهم إنّ الإيرانيين بدأوا يستخدمون أسلوباً «أقلّ تطفّلاً» في تقديم الدعم للميليشيات العراقية. أسلوب «يعتمد على تدريب مجموعات صغيرة في معسكرات قرب طهران، يشرف عليها فيلق القدس، ويدرّب فيها عناصر من حزب الله». وأضاف المسؤولون للصحيفة أنّ مهمّة عناصر الميليشيات هؤلاء عندما يعودون إلى العراق، هي «تدريب رفاقهم على إطلاق الصواريخ ومدافع الهاون، والقنص وزرع المتفجرات»، وهو ما قالت الصحيفة إنّ الإيرانيّين يصفونه بأنه أسلوب «تدريب المدرِّبين».

وبرّرت الصحيفة الأميركيّة لجوء الإيرانيّين إلى «خدمات» حزب الله، بأنّ طهران تعتقد أنّ «من المفيد أن يقوم عرب بتدريب زملائهم العرب»، ولأنّ حزب الله ثانياً، يتمتّع بخبرة تأخذ بالحسبان التخطيط للعمليات واستخدام الأسلحة والمتفجرات في لبنان.

ولفت المسؤولون الأميركيون إلى أنّهم حصلوا على هذه المعلومات من أربعة مقاتلين ألقي القبض عليهم بين أيلول 2007 وكانون الأول من العام نفسه بعد عودتهم من التدريب في إيران.

وأكّد هؤلاء الضبّاط أنّ عناصر من ميليشيات ينتمون إلى بلدان أخرى (غير العراق) كانوا يتدرّبون أيضاً في المعسكر عينه، موضحين أنّ المعتقلين الذين حُقِّق معهم جزموا بأنهم كانوا يسمعون محادثات بلهجات ولغات أخرى.

إلى ذلك، كشفت مصادر عسكرية أميركية أنّ وزارة الدفاع (البنتاغون) حسمت قرارها بشأن بناء قاعدة عسكريّة مكان مطار الكوت الذي يبعد نحو 220 كيلومتراً عن بغداد جنوباً، ونحو 60 كيلومتراً عن إيران، حيث ستُستَثمَر هذه القاعدة للمراقبة الاستراتيجيّة. وقال الخبير في الشؤون الأمنية والتر بينكيس إنّ سلاح المهندسين في جيش الاحتلال بدأ منذ نحو أسبوعين بوضع المواصفات لاختيار الشركات التي ستقوم بالتنفيذ، كما استبعد أن ينتهي العمل قبل نهاية شهر تموز من عام 2009 على أقلّ تقدير.

في المقابل، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، محمد علي حسيني، أنّ بلاده لن تجري محادثات جديدة مع الولايات المتحدة بشأن العراق، في إشارة إلى جولة رابعة من المحادثات الأمنيّة، «ما لم تتوقف العمليات العسكرية التي تشنّها قوات الاحتلال» على الميليشيات في بغداد، لأنه «في ظلّ هذه الظروف (الحملة العسكرية) لن تحقّق المباحثات أي نتيجة ولن يكون لها أي معنى».

سياسيّاً، استمرّت تداعيات إعلان «حزب الدعوة» عزمه على خوض انتخابات مجالس المحافظات في تشرين الأول المقبل بلائحة منفصلة عن كتلة «الائتلاف العراقي الموحد»، حيث أعلنت كتلة «التضامن» انشقاقها عن الائتلاف أيضاً.

وأوضح النائب ووزير الأمن السابق قاسم داوود، الذي يرأس «كتلة التضامن» المنضوية «نظريّاً» تحت لواء «الائتلاف» الحاكم، أنّ كتلته «قرّرت خوض الانتخابات المحلية (التي تبدأ مهلة تقديم الترشيحات لخوضها يوم الأحد المقبل) بقائمة مستقلّة منفصلة عن الائتلاف».

ميدانياً، شنّت قوات الاحتلال والقوات العراقية، حملة واسعة في منطقة الشعلة شمالي غربي العاصمة، اقتحمت خلالها مكتب «الشهيد الصدر» واعتقلت عدداً من الأشخاص. كما سقط نحو 15 قتيلاً عراقياً، عشرة منهم في قصف أميركي استهدف مدينة الصدر.