جانب من العالم سيبقى دون لون رغم أن يوماً واحداً يفصله عن الحادي عشر من أيلول، فعلى الجانب الآخر هناك الصور التي تحمل للجميع ملامح "أيمن الظواهري" الذي يريد الظهور في لحظات الرعب، لينقلنا من عالم إلى آخر، فنحن و "الإرهاب" على موعد أصبح مرئياً، بينما العالم يزداد عنفاً وينتهي "الأمن" الذي كان البعض يحلم به.

في كل صورة جديدة هناك ملامح للحادي عشر من أيلول وعلى الأخص "سوريا" عبر "الرصاصات السياسية" الطائشة التي جعلت عملية الفصل حقيقية، فازدادت صعوبة البحث عن قيمة جديدة خارج "التراث"، واستطعنا أن نجد تعابير لم تكن مألوفة لكنها اليوم مزينة بالسواد من الوجه إلى أخمص القدمين، لأن الحدث "عورة" و "السياسة" من "الكبائر"، أما الولايات المتحدة فهي بقايا صور تتساقط من الذاكرة كلما مر عام على أحداث أيلول.

لم تسقط الضحايا في نيويورك فقط... ففي كل العالم كان هناك "ضحايا التفكير" بعد أن انقسم العالم لشطرين، وجريمة برجي التجارة طالت اللمسات الثقافية التي زينت عالمنا، وجعلتنا نحلم بأن نكبر بما حملته لنا "الحداثة" و "ما بعد الحداثة" والجدل الذي يجعل الحياة تلمع في عيون المراهقين والشباب وهم يرون في الأفق دولاً تزهو بحرية كنا نجاهد كي نعرف ما هي، وأصبحنا نصارع حتى لا نتهم بـ"الزندقة" عندما نحلم بها.

في العاشر من أيلول كان العالم يتحضر لجريمة لا ترتبط فقط ببرجي التجارة، بل أيضاً بالمساحات المفتوحة التي كبرت عبر الزمن وأصبحت فضاءً للتفكير، ثم تهاوت مع الفصل القسري الذي جعلنا ننتمي للتراث والآخرون يحلمون بالمستقبل، فهل هناك "إرهاب" أكبر من العجز عن الحلم؟ ومن الجلوس أمام الفضائيات لنحلل خطاب "الظاهري" الذي انتصر علينا بينما بقي العالم يزهو بأنه قادر على التفكير والحرية؟

نتهيأ لاستقبال الحادي عشر من أيلول ونحن ندرك أن عالمنا يصغر لآننا لم نكن قادرين على كسر شبح "الملاءة السوداء" التي غطتنا بكثافة منذ سبع سنوات، وملأت حياتنا بـ"المواعظ" والخطب الرنانة وكأننا نقف على حدود العالم في وقت انتهت فيه الحدود وتشكلت من جديد لأن الحادي عشر من أيلول أعاد اللون الرمادي أو المصفر أو حتى المليء بفجاجة القول إلى مساحة الحرية التي لم نحققها.

قبل أن يسأل بعض المفكرين الأمريكيين "لماذا يكرهوننا" كنا نسأل أنفسنا "لماذا لا نستطيع دخول العالم"... والجواب كان سريعا عبر الكلمات المتبادلة ما بين "القاعدة" و "البيت الأبيض"... وكأننا أمام "صراع فرسان" من العهد البيزنطي، لكن العالم المتسع سيبقى رغم "تشنج الخطاب، أما "الأشرطة المصورة" التي تتسرب للفضائيات فإننا سنعيد السؤال الأمريكي عليها "لماذا تبثونها"!!!!

ليتحدث الظواهري كما يشاء... ولتفتخر إدارة المحافظين الجدد بإنجازاتها الحمراء في العراق وأفغانستان، لكننا سنبقى عشاق حرية وتفكير يعشق المستقبل رغم أن التاريخ والتراث يخنقنا.