إذا صدق ما تناولته بعد التقارير الأخبارية فإن الاستراتيجية الأمريكية مازالت تحاول البحث في المساحات الضائعة، فرغم أن إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش لا تملك الوقت الكافي لفتح حوار جديد مع سورية، إلا انها ووفق الأخبار التي تم تناقلها، تحاول تأكيد فلسفة تبدو اليوم وكأنها تعيد صياغة المعادلة القديمة، مما يجعل التحكم بأزمات الشرق الأوسط أصعب مما هو عليه اليوم، لأن الرئيس بوس يقفز فوق الزمن، وربما يتجاوز الطاقة السياسية التي تحكم إدارته أساسا.

بالطبع فإن إمكانية فوز المرشح الجمهوري مازالت قائمة، ووفق التصور المبدأي من واشنطن فإن نائبة ماكين سارة بيلين تعبر عن الخيارات التي حددها المرشح الجمهوري بالاستمرار في نفس استراتجية سلفه، وهو ما يجعل من مسألة الرسالة التي من المحتمل أنه وجهها إلى سورية تحمل معنيين:

 الأول هو التفسير للشرق الأوسط على انه يشكل محورين والنظر إليه من زاوية الصراع مع إيران وجعل المنطقة بأكملها تتدخل في هذا الموضوع الأمريكي بالدرجة الأولى، حيث لا تظهر مصالح واضحة في مسألة الصراع مع إيران، وجعلها القطب الثاني في الشرق الأوسط، فالإدارة الأمريكية القادمة فيما لو فاز ماكين ستكرس مثل هذا الانقسام الذس يميل إلى تصعيد النزاعات بدلا من تقليصها.

 المعني الثاني مرتبط في تكريس التيار الخاص بخلق جبهات إضافية داخل الشرق الأوسط، فعند الحديث عن العلاقات السورية – الإيرانية بهذا الشكل، فإن التفكير يجنح نحو تأسيس جبهة نحو الشرق، واعتبار "إسرائيل" أمرا واقعا يمكن الصفح معه بـ"صفقة".

عمليا فإن الرئيس بشار الأسد وخلال القمة الفرتسية – السورية الأخيرة أكد ان المطلوب هو "السلام" وليس "الاتفاقيات"، لأن تجربة التسوية التي سارت عبر "الاتفاقيات" لم تحقق مٍسألة السلام، لكن في المقابل فإن الولايات المتحدة وفق تصور الرئيس بوش تريد التعامل مع هذا الموضوع وفق سياق آخر، لا ينظر للسلام بل إلى تغيير المعادلة الشرق أوسطية عبر هذا العنوان العريض، فالمسألة بالنسبة إليه هي تكوين العلاقات الإقليمية وفق تصور يحمل في وجهه الأول القدرة عي إنعاش الصياغة التي تلت احتلال العراق، وفي الوجه الثاني "رسم" الاستقرار في المنطقة بشكل يسمح تفتيت الصراع مع "إسرائيل".

فالادراة الأمريكية اليوم ربما تدري حجم المبادرة التي تطلقها مع سورية، لكنها في المقابل تنطلق من قاعدة كلاسيكية لم تعد تحمل هذا التناقض السياسي الذي ينتقل من "فرض" العزلة إلى المساحة الجديدة التي لا تحمل سوى تجذير التناقض.