كنت تظهرين في كل لحظة أشاهد فيها الجمل الركيكة تنهمر علي، أو حتى في نظرات البؤس الذي يبدو في عناقيد غضب "شمعون بيريز" الذي استطاع شق طريقه عبر جسدك بعد أن رسم ملامح وجهه بأشكال اللؤم التي رسمها على أشلاء قانا، فالاغتصاب المزدوج يحدث اليوم حتى ولو بقي "الجسد" بعيدا عن شهوات العيون، لأنه يحاول قتل الذاكرة التي تمر سريعا أمامنا ثم تختفي بغبار "ثقافة السلام" التي تنتشر مع وأد الإناث....

ومشكلتي ليست في صورة القاتل الذي اعتدت عليه، بل في "الحمل الوديع" الذي يريد أن يعيد تشكيلي ويقنعني بأنني مرسومة في عيون "ذكور" لا يحلمون سوى بالزوجات الأربع و "المطلقات" أو "المحظيات"، ثم يختارون الخيمة الأممية كي يتحدثوا عن "حوار" لم ينقطع إلا بسبب شهواتهم ورغباتهم الذكورية، فيجولون العالم وينتهون ورائحة العهر تفوح من عباءاتهم البيضاء....

لفتاة القطيف عذرا من الحوار الذي يشق الصدر، ولأطفال قانا أيضا نقدم الخجل الذي يرتسم على ملامح عالم لم يعد يعرف هويته، فمسرحية الاغتصاب مستمرة، وأبطالها اليوم أشباح يغادرون خشبة المسرح التي غطتها بكارة الثقافة بعد أن ضاجعوها قسرا، ثم كللوها بسلام جارح، فملهاة ما يحدث في حوار الأديان هي أكثر من ثقافة مرسومة بالدم على جبيننا لأنها تريد كتابتنا بمزيج مختلط من "السفاح" الذي يظهر عبر طريقة نسج العالم وكأنه "جارية" من زمن هارون الرشيد.....

وأسترجع أيضا التعابير التي ارتسمت لحظة الاغتصاب وأشعر أنها موجودة حتى اللحظة في القدرة على "امتطاء" الدور الإنساني، وكأنه تكرار لحالة مستمرة منذ ان أصبح الجنس رمزا لأبطال الصحراء، فيتخيلون أن التاريخ "مطيتهم"التي ترحل بهم وتجوب أصقاع الدنيا، فيتزوجون ويزنون ثم يحاورون ويكتبون السلام على طريقتهم....

حوار الأديان وثقافة السلام هي ملكي .... ملكنا.... وتخص "التغريبة العراقية" التي بدأت ولم تنته، لكننا نتذكرها كلما مرت أمامنا مساحات جوفاء تحملها الحوارات التي لا تقدم لنا سوى زمن "الطوائف" والتباكي على الماضي.