إنها مجرد حركة للانتقال إلى مساحة جديدة، وربما تجربة كان على البعض خوضها كي يستفيدوا من فائض البترودولار، لكنها على ما يبدو معلقة على جسد المجتمع حتى اللحظة، وتترك في كل لحظة صورة إضافية لعملية افتراق ثقافي أو جسدي، فما حدث في السعودية يبقى طي الكتمان، وكأنه تجربة ناقصة لأنثى ما تزال تتذكر اغتصاب جغرافيتها لصالح العمائم، أو حتى النقاب الذي يلغي الهوية.

قبل السياسة كانت هناك "روح البداوة" إذا صحت تسمية "الروح" على "عاصفة الصحراء" و "الكثبان الرملية" التي تتماها مع الأجساد فتعطيها بريقا زائفا ينكشف بشكل سريع في الوجوه "المثلثة" التي تشتهي ان تلامس أي اسم أنثوي كي تثبت أن قحط الصحراء قادر على النفاذ، ففي تجربة البترودولار "السورية" عشرات القصص عن عمليات نقل "الشح" باتجاه المساحات الخضراء، فعندما نستيقظ صباحا ولا نجد سوى الكتل الإسمنتية ندرك أننا ربما تأثرنا بشكل مقلوب بالخبرات التي تناقلها جيلين من "الصحراء"....

كل شيء تغير بعد التجربة "الصحراوية" التي عشناها لنتعلم "السمسرة" على طريقة القبائل، والقدرة على اجتذاب المال والنساء بطريقة تجعلنا سلاطين جدد على عرش زائف، فالمجتمع الذي حمل معه "ثورة زراعية" أصبح قادرا على إنشاء "فورة موائد" تفرش على بساط من "الترف" المسطح، وتدفع العقل إلى البحث في عنتريات الماضي، أو تاريخ العشائر علنا نجد ما يجمعنا بسلالات رعاة الإبل، فهم فخورون ونحن "مفتخرون"... وهم أيضا يلملمون عباءاتهم، أما نحن فنجمع بعضا من الصور التي تجعلنا نقلب الحياة رأسا على عقب، فلا يبقى من أجيال الإبداع سوى أصوات تخفت أمام سرعة القادرين على اجتذاب المال السهل، أو البذخ المسفوح....

هي تجربة فقط لا علاقة لها بـ"السياسة"، لأنها غيرت شكل الوجوه، وأعادت رسم تفاصيلنا بما يتناسب مع "الزمن" التائه، وربما تكونت أمامنا المشاهد القديمة لـ"فتوحات الواقدي"، فأصبح التاريخ بلا تفاصيل، فالتجربة في النهاية لم تبدل من ملامح "الفقر" أو "الجهد" لكنها صاغت التفكير على مقاس ما يريده البعض، فالتحولات النهائية أصبحت في العقل، وربما على الأجساد التي ذهبت وعات مهترئة...

ما حدث في السعودية يخصها.... هو شأن انتشر عبر العالم، لكن ما جرى في مجتمعاتنا هو في النهاية أمر لا يمكن أن يبقى بعيدا، فهو يخصنا، وهو يرسم دائما ملامح "الكآبة" الجديدة التي نحسبها "تقوى" ولكن على طراز القرون الوسطى وربما على شاكلة تاريخ كان يسمى "الجاهلية".