حتى في الحوار الدائر في القاهرة هناك ألوان "الطاقة" التي استطاعت رغم نارية التصريحات جمع "الفرقاء"، فرائحة النفط التي تنخفض أسعاره حول مسألة غزة إلى "إعمار"، وأصبح المحللون يتحدثون عن "مرحلة الإعمار"، وكأنها خطوة الصراع القادمة، أو أنها "إستراتيجية" لإدارة الأزمة، لكن الواقع يتحدث عن "تحول" في الدور السعودي وذلك مع ظهور "مناخ" دولي يدعو للحوار.

الغريب اليوم أن "الدور النفطي" المشتت على مساحة الاستثمارات المنهارة في العالم يأخذ من جديد قضية "الأرض" و "حل الدولتين" معه إلى كل الساحات المتشابكة، ويجعل من الصعب فك الارتباط ما بين الصورة الأساسية للصراع وتقاطع المصالح الدولية مع "البترودولار"، وهو يعيدنا إلى أواسط السبعينيات مع فارق واحد هو "غياب الفورة" النفطية، مع آلية سياسية مسلحة بمفهوم مضخم لـ"العلاقات العامة" تجعل الإعلام ينتقل إلى فضاء جديد كلما ظهرت تصريحات فيها "رائحة" قديمة لزمن ربما لن يعود.

تشعبات "رائحة النفط" لم تعد على نفس السياق الذي حكم الأدوار الإقليمية، فهو اليوم في صراع حقيقي مع "عالم جديد"، فعندما استطاعت الحرب الباردة توظيف "الدور النفطي"، فإنها اليوم تضعه في مواقع مختلفة ومتبدلة، كما أنها ومع التواجد العسكري المكثف في المنطقة لم تعد تحتاج إلى "الأدوار الخفية"، وهذا الأمر هو الذي فجر الصراعات العربية - العربية خلال إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن، بحث ظهرت السياسات بشكل فج، حيث تم استخدام "استراتيجيات" مباشرة ضد سورية مدعومة بسيل إعلامي خلفت تيارات بدأت اليوم تحول مسارها مع بدأ المصالحة العربية.

والصورة العربية هي في النهاية ترتسم على مساحة "الإشباع النفطي" الذي يبدو أنه أصبح حلما، بعد أن تم تحييده منذ أن انتصر "المجاهدون" في أفغانستان، وانتقلت المعادلة إلى شرقي المتوسط، فتبدلت تشكيلات المقاومة لتعود وتكرس نفسها بشكل يحرج مسألة "النفط" الذي تناثر في كل الاتجاهات المحيطة بحقوله في الجزيرة العربية.

السياسات المتبدلة تحمل معها رؤية لتقاسم الأدوار، لكن التوازن الجديد فيما لو استقر على شاكلة ما قبل الحرب على الإرهاب فإننا بالفعل أمام محاولة لاستعادة الزمن رغم أن العالم دخل بمراحل مختلفة وهو اليوم ربما لن يستطيع التعامل مع أي أدوار إقليمية مشبعة بالنفط على شاكلة نهاية السبعينيات.