كنا نشهد ساحة مغلقة من "العمل المشترك" رغم كل التفاصيل الصغيرة التي جعلت القمة العربية على قياس الحلم الذي يغطي أزماتنا، فما حدث بالدوحة لا يشكل تكرارا لأي قمة أخرى، فهو ينقل النظام العربي إلى مرحلة "التبريد" والسكون، والتعامل مع الأزمات على أنها عادة عربية قديمة.

بالطبع يسجل للطموح العربي قدرته على خلق حالات افتراضية إضافية، سواء في طريقة تعبيره عن ذاته في جلسات الافتتاح وهو ما قام به الرئيس الليبي، أو حتى في البيان الختامي الذي يشكل بانوراما للأزمات التي تحيط بنا، ورغم كل التصورات البعيدة والقريبة حول "المستقبل" لكن القمة تشكل "مرحلة" دولية إن صح التعبير لأنها:

أولا تعرف نوعية الأزمة الدولية الخانقة، فالنظام العربي ليس مستعدا للتعامل مع ما يجري دون حساب للنتائج، وهي خبرة اكتسبها بعد الإدارة الأمريكية السابقة التي أغرقته في معسكرات وبقي مصرا على عقد القمم بمن حضر أو لم يحضر.

ثانيا لم يعترف النظام العربي بنوعية الهامش المتاح اليوم لأنه يحمل "مخاطرة" أو "مغامرة"، فأمير قطر تحدث عن الأزمة المالية العالمية وعن الرئيس الأمريكي الجديد، وكان من المتوقع في ظل هذه "النافذة" أن تحاول السياسة العربية كسر المألوف لوضع حالة يمكن تسميتها بـ"الصحوة السياسية"، إلا أن ما حدث هو "تبريد" للأجواء وكأن الخلافات العربية مجرد حدث درامي عابر...

ثالثا هناك اعتراف ضمني اليوم بأن الخلافات هي في النهاية نتيجة عدم تجانس، ولو كان الأمر عكس ذلك لشهدنا على الأقل برنامجا لحل الخلافات أو أشكالا سياسية جديدة تعكس ما يحدث من مصالحات، لكن عوامل المفاجأة في هذا الموضوع تؤكد أن المسألة ماتزال مرتبطة بتبريد الأجواء وسط عدم تجانس بين السياسات واختلال في طبيعة العمل الدولي وليس العربي.

بالطبع من الممكن أن تكون القمة هادئة لكنها معبرة عن توجهات واضحة، إلا أن الاجتماعات الرسمية تزيد الوضع غموضا وكأنه "طلاسم" لفك "السحر"، فالخلافات شأن واقعي ظهر نتيجة اختلاف المصالح وليس فقط نتيجة صراعات شخصية، وهو لا يمكن "دفنه" حسب الطريقة السعودية أو الليبية، ومع غياب أي آلية لتحديد مسار المصالحة فإن باقي القضية ستبقى تسير على مذهب "الدفن".

وربما كان ينقص هذه القمة أزمة" جزر القمر التي برزت أيضا وكأنها قادمة من سحابة بعيدة فزادت الملفات التي على ما يبدو ستتبع الأمين العام للجامعة العربية عند كتابة تقريره السنوي العام القادم إلى القمة التي ستعقد في ليبيا... رغم ذلك فهو سيبقى متفائلا ويطرح تقريره الذي لن يختلف أن أي تقرير رسمي يصدر عن أي جهة عربية....