من يستطيع أن يميز الحب عن السياسة؟ وهل يستطيع من يصطدم بمواطنتيه أن يتوحد مع جنس آخر؟ والأسئلة تبقى على مساحة وطن يبحث عن أبنائه، وثقافة تتكرر فينا وكأنها سحابة لا تريد أن تمطر، فتمضي الأيام بنا وربما أتذكر بيتا واحدا لنزار قباني:"يقول تألم.. أقول وهل بقي في الصدر غير العظام"... وهل بقي من قدرة على تنسم عطر الحياة وسط "الهدير" الذي يحاصرنا، أو ينتقل معنا إلى كل المساحة التي نريدها، فنجد أن الغربة في الوطن ليست قدرا بل خيارا لا يمكننا الانعتاق عنه...

يعتزلن العشق جماعيا... ثم يقررن البحث عن نشاط اجتماعي يتكسر فوق الشفاه، فإذا صدرت كلمة عشق توقعنا جريمة شرف، وإذا تنفسنا الحرية توجسنا من مستقبل لا يدري إلى أين سنقوده، فهو عشق بأوطان.. وأوطان بعشق، وسياسة تبحر من الدوحة إلى بنغازي كي تسجل على أجسادنا علامات فارقة تجعل من السهل تميزنا عن البشر القادرين على ممارسة حياتهم دون "انتهاكات" معادية من قبل بشر أو "كيان" أو حتى ثقافة مهترئة...

ليت العشق يعود إلي أو أعود إليه لأنني سأعرف أن الأنثى بخير وأن المراهقين والمراهقات سيستمتعون بنهار يحمل كل ألوان الطيف الضوئي، وسأدرك أن سماء الوطن للجميع وأرضه ستبقى مجبولة بتعبنا وليس بقدرة الآخرين على انتهاكنا... وعندما يعود العشق ربما سندرك أننا اجتزنا النفق الطويل الذي يجعلنا مرسومين بصور نمطية تسيرنا أو نسير بها، فالأنثى تصبح بلا جنس عندما يغادرها العشق، والذكر يتحول أيضا إلى كتلة غرائز متنقلة، فيعتاد القنص أو يدمن على ممارسة كل العادات السرية.

لماذا نتحول نحو السياسة ونحن مجبولات بالكلام الرقيق؟!! إنه سؤال لا يملك جوابا لأنه خارج عن سياق الحياة التي تتلبسنا، فما يبقى من الزمن الجميل هو مجرد قصائد متناثرة، ووطن تنغرس فيه السياسة وكأنها حد فاصل ما بين الكفر والإيمان، ثم تنتقل الحياة إلى المساحة الرمادية حيث لا وجد جديد، ولا أنثى تتبرج أو ذكر يباهي بقدرته على نظم قصائده، وحيث المواطن مطارد بالفساد ومجبول عليه.. وفي النهاية تطل الفضائيات علينا لتكمل درامية المشهد أو تنهي الخيال الذي يلعب بنا بعودة العشق فندرك أننا كما في السياسة ندمن الانتظار وربما ليس بعد الصبر سوى "المجرفة والقبر"!!!