كان بوسعي الاقتراب أكثر لكن ما حدث ويحدث هو أكثر من مسألة يمكن تحليلها، أو الكتابة عنها بحيادية، فالبحث يقودني دوما إلى داخل نفسي أو الإرث الذي أحمله نيابة عمن سبقوني من الإناث أو الذكور، واستطيع المراهنة على أن أي واحد قادر على نبش إرثه ويصل في النهاية إلى صورة مشوهة لا تستطيع أن تقفز به إلى عالم جديد...

إنه العالم الذي يحرقني كلما اقتربت منه فأفهم الحرية عن بعد، واستوعب أن السياسة يمكن قراءتها من خلف الحواجز، وأدرك أيضا أن الإعلام هو "زواريب" العلاقات التي تربط الجميع وتضعهم على صورة هي أكثر من زائفة، فنحن خلقنا "عوالم" لأنفسنا حتى نستطيع تبرير عدم القدرة على المغامرة والاقتراب أكثر، أو تشبع أجساد الآخرين لندرك أنهم مثلنا وربما أكثر شفافية مما نعتقد، فالحياة التي ترتمي علينا هي فعل ماض نحقنه بحياة من هواجسنا، فتبقى معرفتنا ناقصة، وعشقنا مرذول على رغبات مجهولة، وربما الأهم أننا تزيد الجهل بماهيتنا.

عندما أفكر عن بعد بكل المأساة التي تحيط "الأرواح" الهائمة فينا أدرك أننا مجبولون على استيعاب "الصورة الناقصة"، أو حتى مغرمون بها، ربما لأننا نعشق بقاء "الأزمات" و "المشاكل" لأن ذهابها سيتركنا في فراغ طالما أننا تعودنا التجذر في مساحة واحدة وقناعة بأننا لا نملك مصائرنا...

هي "عوامل اجتماعية" نتسلى في تفنيدها عندما نتحدث عن "جرائم الشرف" و عن المواطنة كاسم مجرور بالسياسات، وربما ننسى أننا اعتقلنا داخل قناعتنا وفق تصورات هلامية، فنريد الحرية بصورة واحدة، ونسعى لمواطنة تلهث وراء مكاسب وهي غير قادرة على دفع أثمان هذا الشرف.

و "العوامل" الاجتماعية تبدو كعالم مغلق على نفسه يحول رؤيتنا إلى "عقيدة"، ويسحق الآخر على مساحة من التحليلات والتفكيك، لكن هذه العوامل لا تخضع إلى الحد الأدنى من قدرتنا على تكسيرها أو استبدالها بأخرى، ربما لأننا نهوى المعرفة عن بعد، ونعشق أزياءنا التي سرعان ما تعود إلى نمطيتها، وأخيرا نريد الأنثى كما نتصورها أو كما درسناها في كتب الأولين والآخرين، ونسعى إلى "ذكر" متكور على عضلاته المفتولة أو هائم بأدبيات غزل يختزنها لأنثاه....

ربما ليست أمنيتي فقط، بل حلم الكثيرين والكثيرات في الاقتراب أكثر من علاقة تربطنا بالحياة، لكننا سرعان ما نقتنع بأن "خير الأمور أوسطها"، فنقف دون الحياة ونصبح بشرا بأنصاف حقائق، أو أشباه آلهة نتسلق على قيم ونسقط على قيم أخرى، وتسير الحياة بنا لكننا في النهاية نعجز عن المحاولة أو المغامرة في تكسير هذه "العوامل الاجتماعية"!!!