ليست تذكيرا بتراث الموسيقار "عبد الوهاب" بل أيضا بموروث "المواجهة، الذي انتقل إلى مجال الطب البشري مع اختراع المصطلحات وكانها عقاقير يتم تناولها بانتظام، أو جلسات أشعة تجسدها لمؤتمرات التي تقدم توصيات اجتماعية او سياسية بحسب نوع المناسبة أو المرض العضال الذي يعاني منه المجتمع، والصورة الأكثر انزلاقا في مساحة المواجهة هي حرب البيانات عبر الانترنيت، أو العلاج من خلال الرسائل البريدية التي تأتي أحينا إلى البريد المهمل لتعاني من انتكاسات المرض...

نحن خارج المواجهة لأننا لا ننظر إلى بعضنا إلا من خلال العدسات التي أصبحت بديلا حيا تفرضه طبيعة الاتصالات وقوانينها النافذة من الولايات المتحدة وحتى أصغر بقعة، بينما قال القدماء "العين مغرفة الكلام"، ربما لأنها دليل الاهتمام بأن منو نواجهه امامنا كأن حي مهما خضع لقوانين الفيزياء لكنه في النهاية يتقلب على مجموعة من المشاعر التي تحكم المواجهة...

بالنسبة لي ربما كانت العيون هي في النظرات... حيث يمكن ان نعرف نوعية ما سنواجهه، أو نستطيع التعامل بشكل دقيق مع الموقف سواء كان أزمة أو حالة خطر أو ربما عشق يطرق الأبواب، أما عندما نحاول الاكتفاء باختراع المصطلحات حتى نضفي على استحقاقاتنا نوع من الإبداع القابل للاستهلاك الإعلامي فهو امر سيأخذنا بعيدا ويذكرنا بالصراع بين مصر وحزب الله عبر وسائل الإعلام، فهناك خلية ومتهمون افتراضيون ومساحة من الرواية تكبر أما شمعون بيريز فسيقول أنهم يتصارعون بعيدا عنا.

نحن عاجزون عن خلق مقابلة واضحة نستطيع فيها طرح "ما نريد"... والحديث عن الشكل الذي نريده أو مصلحتنا فيما يحدث، لأن هذه المقابلة هي بين "مصالح" و "أشخاص" أو مجتمعات، لكننا نفضل على ما يبدو أشكال الحشد في المؤتمرات أو الاكتفاء ببيانات نطرحها بسرعة، أو بتحليل قادر على اختراق الإعلام وتأجيل الأزمة سواء كانت سياسية عامة أو شخصية بين اثنين...

لكي نواجه لا بد من قراءة العيون... من التقابل وجها لوجه مع استحقاقاتنا ومع جمهورنا ومع من عينينا، ففلسفة الابتعاد إلى المساحة الافتراضية قاعدة تسري على الجميع وتخلق الفراغ الاجتماعي أو السياسي أو الفكري... وتقدم مناخا للتطرف في رؤيتنا لأنفسنا أو للآخرين... فمع التواجد خلف ستار من الكلام المتداخل أو التعميم الذي يظهر من خلف ستار وسائل الاتصال فإننا نبقى في مجال "التواصل" الناقص لأن رسالتنا هي لأنفسنا وليس للآخرين، ومواجهتنا في حيز الافتراض الأخير الذي يجعلنا نرتكز إلى قاعدة واحدة هي لننزوي ونتحدث عما نريد!!!