زيارة غريبة وغامضة تلك التي قام بها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الى اقليم كردستان العراق اليوم الاثنين , وموضع الغرابة انه ليس من المناسب لعباس الذي يمثل زعيم فلسطين أن يزور اقليما يحمل نزعات انفصالية , وبينه وبين السلطة المركزية في بغداد الكثير من الخلافات والمشاكل , ولو كان لعباس أن يزور كردستان , فكان ينبغي عليه أن يزورها ضمن زيارته الى العراق , وأن تكون زيارته لكردستان تابعة لزيارته لبغداد , لا أن يزورها بهذه الطريقة التي تدعم وتعزز نزعات كردستان الانفصالية .
تتصرف كردستان في جميع المجالات على أنها دولة مستقلة , فحاكمها يحمل لقب رئيس ولها وزاراتها ورئيس وزرائها وبرلمانها ودستورها وجيشها , وهي لا تذكر بغداد الا للمطالبة بحقوق وامتيازات تفوق حقوق وامتيازات أي مواطن عراقي , وهكذا فقد حظيت كردستان ب 17% من ميزانية العراق رغم أن نسبة عدد سكانها لاتزيد عن 12% من السكان .
لاتستطيع الحكومة المركزية في بغداد أن تنقل شرطيا أو جنديا في كردستان , لكن للاكراد وجودهم وحصتهم في كل المؤسسات المركزية العراقية من الرئاسة والوزارة والجيش والشرطة والسفارات , فقد أحسن الاكراد استغلال الخلافات بين السنة والشيعة , وأحسنوا أستغلال كل المجموعات والميليشيات الموجودة على الساحة العراقية , واستغلوا سيطرتهم على الدبلوماسية العراقية لنسج شبكة علاقات ممتازة اقليميا ودوليا بالاضافة الى علاقتهم الحسنة بالدول الغربية .
وبعد كل هذا فاذا تعامل العرب – الذين من المفروض بهم ان يدعموا وحدة العراق - مع كردستان على انها دولة مستقلة , فان هذا يعني تعزيزا لوضع كردستان الانفصالي وخذلانا جديدا للعراق , قد يؤدي الى مزيد من التباعد بين العراق ومحيطه العربي , وهذا بالنهاية سيجر الى نتائج كارثية .
ويتعزز هذا بالنسبة الى عباس الذي ينادي بوحدة الاراضي الفلسطينية واعادة الارتباط بين غزة والضفة , فكيف له أن يدعم اقليما يسعى للانفصال عن دولة عربية .
ثم مالذي يجمع بين عباس وبين اقليم كردستان ؟
اقليم كردستان يرتبط بعلاقات قوية مع اسرائيل , وقد يكون عباس يقوم بخدمة لاسرائيل بدعمه لاقليم كرستان , كما قد يكون الدافع وراء الزيارة هو التعاون في مجال الاعمال وكلتا الادارتين في السلطة والاقليم متهمتان بالفساد وباستغلال النفوذ لمصالح شخصية .
وفي كل الاحوال تبقى هذه الزيارة غريبة وغامضة وعصية على الفهم.