لأنها مجرد كلمات نطلقها في محاولة كي نقف عند حدود واضحة فربما علينا أن نعيد صياغتها، فما المهم من "القيم" التي نضفيها على أنفسنا أو الآخرين، طالما أننا خاضعين لمساحة أخرى يتحقق فيها المستحيل، أو نسير بها على كل المطبات التي نريد أن نسويها في خيالنا، ونجعلها بقعة ضوء لم سيأتي...

هي مجرد حيل نكتبها وننظر بها، فنهرب من الحبال التي تريد أن ترتبط بنا لأن الشعار العام ربما يدفعنا كي نلقي كل التفاصيل، فنتلهى بالمشهد من الأعلى ونرسم خربشات عليه بينما يغرق الآخرون في "النبوءات" التي يمارسها البعض عليه، سواء عبر الحديث المباشر أو من خلال الوعظ والإرشاد الذي يقي أكثر الخطابات تسربا نحو الناس، فما هم ان نكو من فئة "اللا ديني" بينما في كل لحظة يمارس الآخرون أمامنا "وقاحة" استلاب ما نهوى، أو نحر العشق الذي تربينا عليه...

في البحث عن الحياة الجديدة هناك أكثر من العناوين التي نتعربش عليها، فما يلاحقنا هو "أثم" البقاء على "الصمت" في الجمل الني نحبكها، والتحايل على المستور الذي نحلم بشعارنا أن نفضحه، أو حتى صياغة الجمل التي لا نفهم منها سوى أننا قررنا اعتزال الحياة، وتركها تسير على هوايتها...

هي بالفعل هواية ابتدعناها عندما عجزنا عن تشكيل عشق مغاير وموقف يفقأ العين بصرامته أو بوضوحه أو بسيره نحو هدفه دون وجل، فنحن "علمانيون" يمتهنون الكلام، وعشاق يتفننون في تصوير الكراهية، وربما صحفيون يفصلون الموضوعية على شاكلتهم، وفي النهاية فإن الأحلام الصغيرة تغيب، وتصبح الحروف أكبر مما نتوقع، فنكتب كلمتين ونكتفي لأن المعنى يجب أن يدركه الآخرون من إيماءاتنا وليس من التصريح بأننا نملك "الموقف" ولسنا بحاجة لتلميع الصورة أكثر...

أتخيل أن الزمن الذي نسبح فيه تجاوز كل الكلمات التي نكتبها، ويسابق الضوء حتى يصل إلى "التعابير الجديدة" التي لا تجعلنا نخجل أو نجعل الجمل خلاصة التوازنات في علاقاتنا او حتى في محاولتنا للنجاة على الأقل بأنفسنا، فعندما نكتب يخرج غبار معركة لم تنته منذ ان قررنا كسر "الواقعية"، واستبدال "المعاير المزدوجة" بابتسامة تؤكد الرغبة بالحياة وبأن المهن ليست سوقا خيريا وهي تحتاج لصرامة الموقف ودقة التعبير عن الاتجاه.

ليس هناك علمانيون و "لا دنيون"... وليس هناك في مساحة الفعل الثقافي سوى آلة إنتاج ضخمة فقدت قدرتها على تلبية الاستهلاك، فأصبحت نوعا من الضجيج المزعج الذي يستمر دون توقف.