ربما ما يحصل على خطورته مجرد إعادة الكرة للحملة التي طالت الرئيس الأمريكي الراحل جيرالد فورد عام 1976 وبنفس الفيروس، لكن المسألة على ما يبدو تحمل احتمالات إضافية وكأن الولايات المتحدة لا يكفيها من أزمات تعالجها، فانتشار هذا الفيروس ربما لا يكون أخطر من انتشار سياسييها طوال السنوات الماضية حول العالم، حتى أصبحت "حمى السياسة" أخطر من أنفلونزا الطيور، وربما لهذا السبب تم "تطهير" المنطقة من آلاف البشر ابتداء من العراق ومرورا بلبنان وانتهاء بفلسطين.

لكن أنفلونزا السياسية أخطر من غيرها، لأنها تنقل بين البشر وليس بالضرورة عبر التماس المباشر مع الحيوان المصاب، زهي مشخصة من قبل "دوائر" الاستخبارات العالمية على أنها جزء من التكوين الوراثي ربما!! أو حتى من مكونات الهواء الشرق أوسطي، بحيث يصبح أي فرد قادر على التعامل السياسي بل ومنخرط في هذا العمل دون مقدمات وذلك بعد ان تضربه "الحمى" بساعات قليلة...

في المرض الحالي هناك احتمال وجود "مصل" يؤدي للوقاية أو "الشفاء"، ونفس المحطات التي أغرقتنا بالتقارير واللقاءات عن أنفلونزا الخنازير، تشارك في انتشار "حمى السياسة" من خلال التنشيط اليومي للرأي أو الرأي الآخر، وتفتح هواتفها لسماع أصوات المستمعين في أي قضية، وحتى تأخذهم على محمل آخر وتدفعهم لاقتراح مواضيع للحلقات... وإذا كان علينا شطرها لأنها وسعت من المساحات الضيقة للإعلام فإنها أيضا زادت من أعداد الاختصاصيين في كل الشؤون، وربما خلطت كل المعايير من أجل ظهور "السياسة" على مشهد إعلامي جذاب.

هذه الأنفلونزا ثقافة متكاملة لها مريدوها مع اختلاف مراتبه، او قدرتهم على صنع الحقيقة وتكفير الآخرين، وضمن هلوسات الحمى يمكن أن يصبح الأمر أخطر من أي فيروس آخر لأنه يصل لحالة "إشعال" حروب واختلاق "مؤامرات" تمس أمن الدولة أو اختراع خلايا إرهابية لا تقف فقط على حدود قطاع غزة بل تأخذ صورة تنظيم القاعدة... وربما يحق لنا السؤال هنا: هل تنظيم القاعدة هو أحد هذه الهلوسات؟ على الأخص أن مظهره لا يوحي سوى بالأنفلونزا وذلك بالنظر إلى مكان وزمان ظهوره، ونوعية المواقف أو النصائح المقدمة.

يحق لنا ان نخاف من الجائحة الحالية.. سواء كانت مرتبطة بالخنازير أو الطيور أو حتى بـ"المس السياسي" الذي ينتشر مع قوانين العولمة بشكل سريع ليستوطن في أكثر المناطق خصوبة بالصراعات وبعدم تحديد الهوية... فالنسخة الجديدة من أنفلونزا الخنازير لن تستمر طويلا بينما سيبقى ستبقى شقيقتها المرتبطة بالسياسة هما له أشكاله وتحوراته التي يصعب معالجتها.