هو ليس قانون منتظر... هو أيضا ليس بنودا نستظل بها في مساحة القحط الذي بدأ مع ظهور عصر التدوين، فما يمكن أن تتركه القوانين مجرد ذكرى تسبح في عقولنا بينما نسرح مع الحدث الإعلامي بامتياز.. ومع صورة نتنياهو في البيت الأبيض، أو ليبرمان في البيت الأسود، أو حتى ذكرى شارون الذي امتض الضوء لسنوات لكنه لم يستطع أن يغرقنا في العتمة...

أفكر أحيانا أننا لسنا بحاجة لمساحات القانون، أو للتنظير في المستقبل الذي ترسمه مساحات الجرائد، فحتى نستطيع أن ننحت ما نريد ربما علينا أن "نسرح" في مجالات جديدة، وخارج القضايا الجارحة التي تتركنا ننزف أحيانا ثم تبتعد كي نستمتع بمشهد "الأذية"، فما يمكن فهمه اليوم من البحث في الإعلام هو ذلك الطيف الذي يجعل الكاتب متعلقا بقارئه.. وتجعل القارئ كارها للكلمات، يحاول أن يكسرها ويبعثرها، فهذه العلاقة لا تخضع للقوانين، ورغبة المجتمع في استهلاك الحدث لم تعد قانونا، أو انها خرجت من أدبيات الإعلام بعد أن أصبح "الإمتاع" هوية نتمسك بها...

"الإعلام الممتع" هو الذي يجعل "القوانين رشيقة" ويعيد كتابة "التحرير" وكأنه ومضة سريعة تدفع للدهشة، فـ"متعة" الإعلام المفقودة لم تعد سوى بهرجة على الفضائيات، أو صفحة أخيرة في الجرائد اليومية، بينما استطاع البعض أن يخصص مجلات ضخمة لرصد الحفلات والمناسبات، فأين يمكن أن تجد المتعة التي كانت ترافقنا عندما نتابع التلفاز.. وأين الدهشة وسط دفق المعلومات الذي لا يتوقف.

المعادلة الإعلامية اليوم ريما ستصبح "خارجة عهن القانون" مثل أسعار نزار قباني إذا استطاعت امتلاك "الرشاقة"، والقدرة على إعادة إحياء جمهور يقرأ ولو بوسائل جديدة، أو خلق جيل من الصحفيين يجعل "متعته" في المتابعة وربما في ملاحقة التفاصيل التي تقفز أمامنا كل لحظة، ووضعها في سياق يعين الناس على الحياة بدلا من أن يغرقهم في الهموم.

ربما نترقب اليوم تفاصيل الحديث عن قانون للإعلام، ونتابع أيضا صور الفضائيات وتشعب المواضيع التي ترسم لنا خطا طويلا في أحداث النهار، لكن النهاية ستكون أكثر رقة لو انها رسمت على شفاهنا ابتسامة بدلا من عبوس... فالحلول الإعلامية ممكنة بقانون أو بدونه، وما يحدث هو مجرد حركة حياة ستغضب البعض أو ترسم الرضى عند الآخرين، بينما ستبقى المهمة الإعلامية مستمرة، وعجلة الحدث ستسحب معها الكتاب والمحررين دون ان ينتبهوا لأي من التفاصيل السابقة أو اللاحقة.. أو تلك التي تبدأ بمص2در وتنتهي بشاهد عيان.... ملاحقة دائمة.. أو تراص إعلامي سيبقى يبحث عن "الرشاقة".