يوميته أكثر من 250 ل.س وهو طالب في الصف الرابع الابتدائي يدور ويزور المطاعم في شوارع دمشق المقتدرة مادياً (أبو رمانة) ويترجى بمهنية كأنه خبرها ويطلب بجرأة يخضع لها أكثر المارة والجالسين مستفيداً من طفولته وبراءتها وقدرتها على التأثير فيهم بـمبالغ يفترض أنها صغيرة 10 ليرات،25 ليرة، وحتى 50 ليرة سورية يتقاسم الأمكنة مع أخويه في انجاز نفس العمل يومياً بعد مدرسته - على حد قوله- ودخل الثلاثة في شهر هو...

250 ل.س × 30يوم × 3 أولاد = 22500 ل.س

والقصة بدأت عندما مر وقال ...عمو أريد شراء علبة حليب لأخي ومعي من ثمنها 150 ل.س وسعرها 250 ل.س ...أين أباك ؟ في البيت ولا يعمل...وأمك ؟ أرسلتني من أجل علبة الحليب...وبيتك في مخيم الـ...وتذهب لوحدك والساعة الآن التاسعة ليلاً ؟ نعم (كتير سهلة)!!! وبعد حوالي الأسبوع وإذ به بنفس المكان وبنفس الجرأة ... هل تريد ثمن علبة الحليب؟ فأجاب الله يوفقك بس عشر ليرات...ومنذ يومين وإذ بنفس الطفل يقترب من مجموعة أخرى طالباً معونة ومتجاهل من عرفهم في نفس المكان... وهو تصرف يؤكد أنه يمتهن مهنة ليست لعمره وعلبة الحليب ليست إلا وسيلة لتحصيل مبلغ ما... مطلوب منه يومياً على ما يبدو ...

صدفة تكررت ثلاثة مرات في نفس المكان ومع نفس الطفل في أوقات متفاوتة فهي إذاً ظاهرة وتكرار هذه الظاهرة في شوارع دمشق وغيرها من المدن الكبيرة يؤكد أن هناك ما يحكمها ومن يتحكم بها وربما يديرها...وما يبرر تأكيد ذلك الأرقام الكبيرة أعلاه المحققة برأس مال كلفته معدومة مادياً...فالزواج نصف الـ... والأولاد هبة من عند الـــ... وإنتاجيتهم كبير جداً ًأمام ما ذكر من أرقام سابقة وهي غير مكلفة والله المدبر...أما إنسانياً فليس لها اعتبار وتحتمل أحاديث طويلة ومؤلمة...فالأطفال يمكن أن يكونوا عرضة لكل أشكال الابتزاز المباشر وغير المباشر كإدخالهم في شبكات التهريب أو المخدرات أو الكحول... أو الإ... أو القيام بالاعتداء عليهم نفسياً وجسدياً...أو... يمكن أن يكونوا هدفاً سهلاًً لشبكات تجارة الأعضاء التي بدأنا نسمع عنها في الدول المجاورة...كل ذلك لا يدخل بحسابات الربح والخسارة...عند الأهل والمجتمع

وتضيع المسؤولية في زحمة الحياة ويضيع مكان وزمان وقوعها...فهي ربما مسؤولية المعتقد عندما يطبق على قياس فهمنا السلبي له...وربما مسؤولية البنية التاريخية للمجتمع وربما بسبب البطالة والسياسات الاقتصادية والخطة الخمسية العاشرة وربما مسؤولية وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل... وربما المنظمات الأهلية والدولية التي تعنى بالطفولة...وكل من موقعه له حصة منها...