ما سيقوله الرئيس الأمريكي باراك أوباما ستحدده الجغرافية التي "سيطل" منها على العالم العربي حسب تعبير البعض، فهو من القاهرة سيوجه خطابه في إشارة إلى شكل نمطي مستمر منذ ثلاثة عقود في تحديد رؤية الصراع، فهناك "رؤية" مهما حاولت تجاوز المساحات السابقة لكنها ستبقى ضمن الإطار الخاص بنوعية مبادرات التسوية المفصلة خصيصا للنظام العربي، وهي أيضا "دعم" سياسي لتعميق التوجه الحالي لما يسمى "الاعتدال" لمواجهة الأزمات السياسية ابتداء من العراق وانتهاء بفلسطين.

في المقابل هناك خطاب آخر تحمله "المناورات الإسرائيلية" الحالية، وهو منسق بشكل واضح مع نوعية التحرك الأمريكي، لأنها خط مواز لما يمكن ان تطرحه "تحركات السلام"، فهي تتعامل مع محور آخر في محاولة لرسم "حالة ردع" تعزز من الافتراق السياسي داخل المنطقة، فالمناورات وتحقيق معادلة قوة جديدة يمكن ان تشعل التوترات أو الحروب لكنها ومن تجربة السنوات الثماني الماضية غير قادرة على فرض "إرادة سياسية"، فالهدف الثاني بعد الردع ربما يكون تعزيز الاستقطاب داخل "النظام العربي" وإعادة ربط الأطراف بالقوى الإقليمية في الشرق الأوسط.

هذا المشهد يعززه تحرك سياسي مكثف بدأ منذ فترة في رسم "خارطة" الصراع المستقبلية، فقنوات الحوار المفتوحة أمريكيا مع دمشق مازالت عند حدود "استكشاف" كامل الموقف السوري، والاحتمالات الممكنة في حال طرح الرئيس أوباما مبادرته، فبعد خطابه في القاهرة حسب عدد من التقارير يتم تحديد مسار العلاقات القادمة مع دمشق، وربما لاختيار القاهرة تحديدا نوعا من تضيق هامش التحرك بالنسبة لباقي الدول، دون أن يعني هذا الأمر تدهورا في العلاقات السورية - المصرية التي تقف الآن ضمن مساحة رمادية، فدمشق على ما يبدو تفضل وضع المشكلة في مكانها الخاص أو الحقيقي ما بين واشنطن و "تل أبيب".

نحن اليوم أمام سياسة "تبريد الأزمات" لكن الأمر لن يستمر طويلا قبل أن تصبح الخيارت محصورة بين خطابين: الأول توجهه "إسرائيل" عبر مناوراتها العسكرية، والثاني عبر ما أسماه بعض المراقبين "حزمة أوباما" المتكاملة رغم أن كل التوقعات تتحدث عن تكتيكات جديدة في حركة الإدارة الأمريكية أكثر من أفكار جديدة أو حتى بيئة سياسية قادرة على تحقيق خطوات مبدئية في التسوية.

المعادلة الصعبة تكمن في الحيز الذي يجعل الخطابين وكأنهما "وجه" عالمي جديد، في وقت يبدو أن المسألة هي عمليات "إحراج" مستمر للنظام العربي في مواجهة سلام تبدلت ظروفه بشكل كامل وبقي يحمل نفس ملامح الماضي.