اجتمعت في هذه الايام عدد من المناسبات التي لا يصعب على المتأمل الربط بينها , ففي هذه الايام تحل علينا ذكرى الهزيمة المريرة التي تعرضت لها الدول العربية على يد اٍسرائيل عام 1967 , اسرائيل التي تجري هذه الايام أكبر مناورات عسكرية ومدنية في تأريخها استعدادا لهجوم متعدد الاطراف من ايران وسورية وحزب الله في لبنان وحركة حماس في غزة ويعلم الله من ايضا , وبذكر حزب الله فهناك الانتخابات اللبنانية التي تحل هذه الايام والسجال المستمر بين قوى المعارضة المحسوبة على ما أصبح يدعى ’محور الممانعة’ وبين قوى الموالاة التي تحسب على ما يعرف ب ’قوى الاعتدال’ , وفوق هذا كله هناك زيارة الرئيس الامريكي اوباما والخطاب الذي ينوي توجيهه للعالم الاسلامي من القاهرة وهو ليس ببعيد عن كل ما أسلفنا.

وفي تناولنا لهذا الحشد من المناسبات لننطلق من سؤال هو أين كنا عام 1967 وأين أصبحنا عام 2009 ؟ , لعل من الممكن أن نقول أن ما كان يغلب على المشهد العربي عام 1967 هو عدم الواقعية والاكتفاء بالشعارات الفارغة من غير تخطيط واقعي , ونستطيع أن نقول أن العرب دخلوا حرب عام 1967 وهم لايعرفون مدى قوتهم ولا مدى قوة عدوهم , فكان من المؤكد والطبيعي أن يهزموا في هذه الحرب , لكن هذه الحرب لم تكن سوى معركة في سلسلة طويلة من الحروب , والصراع لم ينته عندها وليس من طبيعته أن ينتهي , والمناورات الاسرائيلية شاهد على ذلك , فبعد كل هذه السنين تجد اسرائيل انها مضطرة للتعامل مع خطر وجودي يتهددها, ولكن هذا الخطر لايأتي أساسا من الدول العربية التي كانت منخرطة في الصراع , والتي خرج أكثرها من دائرة الصراع أو بدل مواقفه ليصبح في الصف الاخر , ولكن التهديد ياتي هذه المرة من أقصى الشرق من ايران التي اصبحت منخرطة في الصراع أكثر من معظم الدول العربية التي تحول موقفها من عدم الواقعية والطوباوية الى الواقعية البغيضة المبالغة فيها , والتي أصبح بعضها الان يقف في صف واحد مع اسرائيل في مواجهة خطر ايراني مزعوم وفي مواجهة قوى المقاومة المتهمة بالتبعية لايران بدعوى انها تتلقى الدعم من ايران , ومن هذه الزاوية نستطيع أن ندخل الى الانتخابات اللبنانية وما يدور في هذا البلد من صراع هو في حقيقة الامر صراع بين قوى اكبر من هذا البلد الصغير , ولكنها اختارت ان تخوض معركتها على ارضه.

وفي ظل كل هذا تاتي زيارة الرئيس الامريكي اوباما ليطرح رؤيته حول حل هذا الصراع الذي شكلت حرب حزيران نقطة تحول فيه , وليحاول تحسين صورة الولايات المتحدة المتهمة دوما ليس فقط بمساندة اسرائيل , بل بان اسرائيل ماكانت لتصل الى ماوصلت اليه لولا الدعم الامريكي العسكري والسياسي والاقتصادي لها .

اوباما الذي اعتبر وصوله الى المكتب البيضاوي عهدا جديدا في السياسة الامريكية بسبب عدد من العوامل , والذي كانت افعاله متخلفة بمسافة طويلة عن الامال التي كانت معقودة عليه , يبدو انه رجل اقوال اكثر منه رجل افعال , وتبدو مقاربته للصراع العربي الاسرائيلي غير مختلفة في الجوهر عن مواقف الادارات الامريكية السابقة , رغم انه احيانا يحاول امساك العصا من المنتصف , وهو ما يحمل الكثيرين على تقليل سقف التوقعات من مبادرته , وعلى كل حال لنرى ماسيقوله السيد اوباما , رغم انه اصبح معروفا سلفا.