من ألطف التعابير التي توحي بأننا أمام فسحة من الجمال والعشق وربما الخصب أيضا، وتقدم لنا "الذكر" المتثاقل على مساحة الإناث وكأنه نسمة تداعب وجهنا، ثم نفهم أن استمرار المراهقة في الثقافة الاجتماعية هي مجرد صورة لرجل يسعى الجميع لإضاءتها، فهو القادر رغم بلوغه الستين على "التظارف" ومحاكاة الشباب في مداعبته لأي أنثى يصادفها، أما "هي" فعليها "السترة" منذ أن تولد، ولا حاجة لذكر جملة "الألقاب" المرافقة لـ"الفتاة اللعوب".
أحاول ان أفهم ذلك الآخر الذي يتمتع بـ"النفس الخضراء" أو بالتعبير العامي "نفسه خضرا"، كما أريد استعادة بعضا من التجسيد الذي فقدناه لصالح عمليات الترميز في مفهوم الأخلاق، لأن المسألة ربما تتجاوز عملية التفريق بين الذكر والأنثى، إلى مساحة إضافية لها علاقة بملكية الجسد، أو بالقدرة على التعامل معه بحرية فردية، فمقولة "النفس الخضراء" هي مساحة مفتوحة للتدخل في أجساد "الأخريات" التي هي أيضا نوع من "المحرمات"، فما يمكن فهمه أيضا أن الأنثى أمام اختبار دائم لـ"حصانتها" من جهة، وللتبرير الخاص بنوعية الذكور الذين يعشقون التحرش.
أفكر أن التجسيد لا يملك قاعدة إلا بمساحة الرجل، وأن تفاصيل المرأة تدخل في إطار "التجريد" لكل القيم التي يسعى البعض للتمسك بها، فعلى مساحتها رُسمت الحدود الخاصة بشرف الرجل والقبائل، وظهر سلم القيم والعادات ليمنعها من تملك نفسها أو تخيل جسدها كشأن ذاتي لا يعني الآخرين.
هي الرمز للقدرة على الاقتحام... وهي الصورة الناقصة التي يسعى الذكور لاستكمالها برؤيتهم وتصوراتهم وحتى بقدرتهم على "القنص"، وهي أيضا متروكة أمام مساحة رمادية كي تدخل في الامتحان الأساسي أمام فعل "الحصانة" طالما أن عدد كبير من الذكور يفضلون التنقل واتخاذ العشيقات أو حتى الزواج من أربع، ويرغبون أيضا في التمتع "بما ملكت أيمانهم " أو حتى بما لم تملك.
هو نفسه خضراء... وهي يستهويها الانتظار حتى تركب الزمن الاعتيادي الذي سيقودها لإدمان الوقوف عند "المشاكل الصغيرة" أو حتى ثرثرة النسوان، وفي أفضل الحالات "الشكل الاستعراضي" للبحث عن حريتها من خلال "العناوين العريضة التي نكتشف خلفها كما من الجمود في رسم صورة الأنثى خارج ما هو متوقع.... فنستخدم المصطلحات مع محاذيرها ونرفق الحرية برفض الإباحية وكأننا نحتاج لحدود خاصة لا تغضب الثقافة الاجتماعية....
لا أنتظر ظهور مصطلح "نفسها خضراء".... لأن المسألة هي في فهم تبادل الحرية وليس تبادل الأدوار ما بين الذكر والأنثى.