أعتذر من الشاعر نزيه أبو عفش عن الاقتباس الذي سأستخدمه، وأعتذر من ديوانه "كم من البلاد أنت أيتها الحرية"، لأنني سأبدل مواضع الكلمات وسأبحث في الحرية كأنثى محاصرة من "الخطباء ومن العفة التي يطالعنا بها كل واعظ يوم الجمعة، أو من "الحملات" التي يبدو أنها مستمرة على مدار السنوات والقرون لتلاحق المجتمع بـ"النقاب"، وكأنه الستار الذي سيكشف المستور، وسيفتح باب الحرية التي لا يريد البعض لنا أن نتنسمها.

كم من الحرية أنت أيتها الأنثى حتى تصبحي محور الكلام، ومجال الخوف الذي يجعل الدعاة يرتعدن لمجرد التخيل بأنك أصبحت خارج "وعظهم"، وكم من الصبر أيتها الأنثى حتى تتحملين "الترهيب" في الدنيا أما "الترغيب" فهو في مجال الماوراء... وفي المرويات القليلة التي ستلاحقك أينما ذهبت، وكم من القلق سيلاحق أصحاب العمائم والوجوه المثلثة عندما تجرحين الدنيا بابتسامتك....

أيتها الأنثى التي "ندم" الله على خلقك فأخرجتي آدم من جنته بـ"عورتك"، ومازلت تقلقين الجميع بهذه "العورة" التي يلهثون ورائها حتى في أماكن العبادة، فيتحدثون عنها و (لا حياء في الدين)، ويفصلون "النقاب والحجاب وأساليب السترة، ويعيدون كتابة المزيج المكلل بالخصب على أنه تاريخ من العفة، فكم من الجنون تحتاجين حتى تعيشين في اللون الأصفر، وتجلسين أمام التلفاز بانتظار "صاحب النصيب" الذي سيعيد تعليبك، وكم من الكلمات التي ستغطي جسدك لأنه "القضية" التي تشغل "الرب" فيكلف "وكلاءه" في الأرض كي يتحدثون كل صباح عن "فتنتك"، ويبنون "مدنا" من الدعارة لأنك قررت فقط أن تمتلكي حرية وجودك كما أنت بجسدك ورغباتك وقدرتك على تجميع الآخرين حول خلق الحياة من مساماتك.

أيتها الحرية الأنثى... أيتها المدججة بسلاح عفة ورقي وبخطاب تتجلى فيه أمهات المؤمنين كخلاصة للحياة، وكمطلق يتصوره البعض وكأنه الفردوس الذي سيعود إليه "آدم" يوما رغم خطيئته لكن هناك شكوك في رجوع "حواء" أو بنات جنسها لهذه الجنة المبعثرة في كتب الصفراء.... وأيتها المذبوحة في أي لحظة بسلاح جريمة شرف أو بسهام "النهي عن المنكر"، والمنكر هنا جسدك فقط، أما الباقي فيمكن النظر فيه... أيتها الباقية تحت ذراع التراث و"إبط" التاريخ وشهوات المكبوتين، كم الموت سيبقى يلاحقك رغم الرضا والعفاف والتقى، ورغم الابتعاد عن النساء الشريرات أو بصيص الضوء الذي سيلغي عصور البحث عن الحرية وسيضعكِ أمام الحياة ومواجهتها ومسؤولياتها.

كم من الإبداع انت حتى تصبحين "قضية" وحتى تشكلين ظاهرة تغتال الجميع وتبقىن واقفة رغم القذف والذم والقدح، ورغم الصلب العلني كل أسبوع، ورغم أنك أنثى شبقه للحرية...