يمكننا قراءة تصريحات بنيامين نتنياهو أمس في سياق مختلف عن مسألة "عرقلة السلام"، أو "نسف الجهود" حسب بعض التصريحات الفلسطينية، لأن سياسة نتنياهو وفق المؤشرات هي إعادة رسم "شروط التسوية"، وذلك استباقا لزيارة فريدريك هوف، نائب المبعوث الأميركي للسلام في الشرق الأوسط.
عمليا فإن التعامل السياسي مع حكومة نتنياهو يقف عند حدود "النوايا"، والخطاب السياسي العربي الرسمي يشكك دائما بـ"خطط" الحكومة الإسرائيلية، وبشكل يوحي وكأن السياسة العربية تواجه "إسرائيل" لأول مرة، ويتم إسناد المسائل إلى التحرك السياسي لإدارة أوباما التي على ما يبدو تواجه توازنات جديدة في علاقاتها مع "إسرائيل".
وحتى لا يُفهم الأمر كخلاف "إسرائيلي" - أمريكي يمكن تحديد نقطتين أساسيتين:
– الأولى أن الإدارة الأمريكية و "الحكومة الإسرائيلية" متفقتان على الأقل على تبديل "شروط التسوية"، وهو يعني إيجاد آليات مختلفة أيضا، فلا الرباعية الدولية ولا حتى "خارطة الطريق" يمكن أن تستمر.
– الثانية هي أن الإدارة الأمريكية تجمع معطيات وتقوم بدراسات، و "الطرف الإسرائيلي" يسعى لتثبيت واقع سياسي خلال عملية "الجمع"، مما يوحي أحيانا بظهور خلافات لأن الآليات "الإسرائيلية" تعرقل في كثير من الأحيان إيجاد تصورات جديدة، وهو ما دفع إدارة أوباما إلى خفض سقف "المطالب" باتجاه إيقاف الاستيطان لمدة عام، وهذا الأمر لا يشكل "آلية للتسوية" بل تسهيلا للمهام الخاصة بجورج ميتشل تحديدا.
بالطبع فإن المساحة الزمنية المتاحة لإعادة رسم رؤية للتسوية ليست مفتوحة، وهي مرتبطة بالتوازنات الإقليمية، فالحوار المفتوح مع الولايات المتحدة يخضع بدوره لصراع سياسي على الأرض، ربما يلخصه الوضع اللبناني، وحجم التجاذب في تشكيل الحكومة الذي يعكس خلافات عربية أيضا، فالمسألة بالنسبة للولايات المتحدة هي تسوية مرتبطة بشروط تحددها "قوة" الأطراف الإقليمية، وهذا الأمر يدفع "المعادلة العربية" إلى ذروتها، فيصبح الحديث عن "إدارة الخلافات" مجال "تنافس" سياسي يتم فيه استخدام كافة الأوراق سواء في لبنان أو في غزة أو حتى في "الضفة الغربية" خلال انعقاد مؤتمر فتح.
نتنياهو يريد تثبيت واقع يحدد شروط التسوية، وزيارات هوف التي ستتكرر هي في النهاية لقراءة المؤثرات السياسية على الأخص بعد ما حدث في إيران، بينما تبقى المعادلة العربية هي الأصعب لأنها على ما يبدو تنقلب على ذاتها وربما على إيران، بدلا من تحديد "شرطها" الخاص بـ"السلام العادل والشامل!".