هي لحظات ساحرة يمكن عبرها التجول من موقع لآخر، فإذا كانت الدراما أغرقتنا بالتناقضات فإنها على الأقل تتيح لنا الاستمتاع بالأداء لمجموعة من "النجوم"، فالدراما السورية على ما يبدو تملك رهانا واحدا رابحا على الأقل وهو قدرة الممثل الإبداعية ، فإبداع بسام كوسا في تجسيد رجل المخيمات، وبراعة سمر سامي في التنقل ما بين الزوجة الفلسطينية التي تقيم في العشوائيات، والفتاة القادرة على اقتناص الفرص في مسلسل زمن العار ، يشكلان اتقانا عاليا للأداء يضفي على الأعمال مشهدية متميزة .

و يمكن أن نطوف عبر أداء الممثلين السوريين، وأن نرى الصورة الأكثر سطوعا في مساحة "النجوم" الذين يقفون أما م الدراما، أو يضعونها وسط شهر واحد، فتظهر لنا المساحات المتعددة التي يمكن أن يجولوا فيها متناسين التكوينات النمطية التي لازمت "نجوم الماضي"، أو وسمت الدراما العربية عموما.

الشأن الأساسي وربما الأخطر أننا نتابع إتقان الفنان، بدلا من أن نقف أمام شكل ثقافي مركب يطلقون عليه "العمل الدرامي"، فمهما كان سير الحدث رتيبا أو يطرق بصرنا بشكل فج، لكننا في النهاية نغرق في كثير من الأحيان داخل جماليات خاصة لأداء الممثلين، فهل سيبقى هذا الأمر "شأنا دراميا"؟

سؤال برسم القائمين على الدراما من مخرجين وكتاب وفنيين، لأننا لا نستطيع دائما الرهان على عامل واحد في نجاح الأعمال، ولا نستطيع أن نخلق التفاعل فقط لأننا قادرون على توظيف مهارة "النجوم" وكأنهم السند الأساسي لأي عمل درامي، وحتى لا يبدو الأمر تسرعا فإن أي مشاهد يمكنه أن يدخل في مقارنة بين "باب الحارة" في جزئه الحالي" وما عرض سابقا من أجزاء ويحاول تتبع أداء الممثلين، مع اعتراضي الشديد على الكثير من الصور الدرامية الخاصة بالأعمال التراثية.

لم يعد بالإمكان اليوم خلق عملية فصل واضحة بين أداء الممثل وقدرة المخرج على توظيف ما يملكه "النجم"، لكنني أقف أمام سؤال صعب في رؤية الدراما وفق شكلين متوازيين: الأول هو التكامل في كل العوامل الخاصة بالمسلسل، والثاني تفكيكه بشكل مفصل بحيث نستطيع تتبع الإبداع الحقيقي....

في الشكلين مازلت أشاهد نوع من الانتشال للأعمال... ومازلت أرى أن "خلق النجم" مازال باهتا، وأن حجم الخبرة أحيانا هو الذي يدفع الكثيرون إلى الواجهة، أو يجعل آخرون ينتظرون معتمدين على تطوير إمكانياتهم الذاتية.

في رمضان يبدو المشهد الدرامي مليئا بالأسئلة، أو ربما متخما بالصور والمشاهدات، لكننا على الأقل سنقف أمام مكون أساسي في "النجم" القادر بالفعل على تجاوز كل أزمات الدراما السورية، ربما لأنه "الرهان" الدرامي الرابح.