مسألة تحتاج للتفكير، خاصة وأن بعض أجهزة الإعلام تحدثت عن "سبعة ثواني" تساوي حياة أسيرة!! فهل المعادلة مختلفة على مساحة السياسة العربية، وهل تأجيل إحالة تقرير غولدستون إلى مجلس الأمن لا يساوي حياة كل الفلسطينيين؟ هو سؤال مفتوح أما م قدرتنا على تفكيك مفهوم المقاومة، بينما السياسيون مهووسون بـ"تفكيك المقاومة" أو بالحصول على شهادة "لا حكم عليه" من المحاكم والهيئات الدولية وربما من الخارجية الأمريكية نفسها...

كان حدث إطلاق الأسيرات شأنا مختلفا تماما عن مسألة تأجيل التصويت في مجلس حقوق الإنسان، لكنهما يلتقيان عند مساحة المقاومة، أو التفكير بها داخل "الحسابات السياسية" التي تجعل منها نوعا من "المشاغبة"، بينما تستطيع "السلطة الفلسطينية" التحدث عن مهارتها في التفاوض، أو قدرتها على جلب المعجزات إلى جنين ورام الله، وزيادة عدد المعتقلين والمستوطنات والبرهان على "النية الحسنة" تجاه السلام!!!

تتمتع السلطة الفلسطينية، وربما ما يطلق عليه جناح الاعتدال، بالمرونة اللازمة للتسرب داخل كل الأوجاع الفلسطينية، وهي قادرة على التزلج فوق رمال النقب باتجاه غزة رغم الحصار، وهي أيضا تتقهم وضع الأسيرات وتنقلهن على احلام وردية باتجاه الحرية، وإلى عمق الأحلام التي ارتسمت منذ أوسلو، ووضعت التسوية على جبين كل فلسطيني، فأصبح ملثما غصبا عنه، لأن الهوية أصبحت مدانة وسط كم الفوضى الذي يحيط بمرونة "الأجهزة الأمنية"....

ويتمتع حس المفاوضة بالقدرة على الانتقال نحو القاهرة ثم الذهاب إلى نيويورك، وهو أيضا قادر على لي "الحلم" الذي ينتشر ولو مرة على طول فلسطين فيكسبنا الثقة بأننا مازلنا نملك بعضا من القوة، فحس المفاوضة أنجب جيلا قادرا على المجابهة على طول العالم، وفي المقابل فإنه يمتلك لونا مميزا عند ظهوره على الشاشات.. لونا من اصفرار الصحراء، ومن "السكونية" التي تميز من هم عاجزون عن فهم "الحلم" القادر على البقاء رقم الجدار العازل، وتقطيع أشجار الزيتون....

لا أعرف كيف تفكر الأسيرات المحررات بالصورة التي رافقت الحرية التي ارتسمت على وجوههن... ولا أعرف هل ندمن على المقاومة!!! وهل أصبح الساسة في أروقة الأمم المتحدة قادرون على رسم الأحلام على مقاس تقلص "فلسطين"...

ولا أعرف أيضا هل أصبحت الحرية هبة نستجديها أم انها تجربة عاشها الجميع وربما دفعوا ثمنا باهظا لها... لكن ما أعرفه أن وجوه الأسيرات كانت أقوى من أي حدث آخر.. أو من أي قياس يجعل من الثواني السبع عنوانا محبطا لزمن المقاومة... فيكفينا ابتسامة ودموع فرح حتى تصبح صواريخ القسام رمزا للخصب الذي لم ينقطع رغم "الحس السياسي" الذي يتمتع به "المفاوضون" في كل مكان....