لم تكن المسألة مجرد أيام تسير، فعندما تجد الأنثى نفسها على جغرافية متقلبة، فإنها لن تستطيع التوقف، وربما ستعجز عن تلبية احتياجات الآخرين، بينما تودع كل "احتياجاتها" للأبد، فهي صورة للأرض أو للبيئة المجروحة، أو حتى لذلك التراث المعلق كلوحة يتباهي بها الجميع، بينما تعرف وحدها أن الزيف هو الأساس في كل الخطوط المرسومة داخل "إطار متقن"...

ليست أياما تسير لأنها تنتهي أحيانا عند الأنثى، فيُمنع النقاب فجأة أو يفرض عبر السلطة الاجتماعية، ويتدخل "خادم الأزهر" (على سياق خادم الحرمين) ليرسم مرجعية تقرر فجأة أن تكسر خطا ثقافيا ظلت غافلة عنه لقرون مضت، فالمسألة ليست نقابا، أو حتى كلاما يحيط بها وهي تتجول ما بين العمل والأولاد، فتداعب خطوط الزمن على وجهها، وتعرف أنها تزيدها "سماحة" تماما مثل الشيب الذي يتدلى من على "سالف" رجل أو في لحيته التي نسي أن "يحلقها"، ففي كل لحظة هناك مفاجأة، وهناك أيضا هما يكبر ويصغر وفق الإيقاع الذي يتدفق منها باتجاه الخارج أو الداخل فتعرف أن لا مكان للراحة وسط جغرافيتها سوى أن تتحصن بخيوط عشقها، وتكسر التقليد القديم في الركوع والسجود أمام "الأئمة" و "أولياء الأمر".

هي الأنثى المنقبة التي تقف أمام شيخ الأزهر... فتقلع نقابها وتضعه... وتمتثل للجميع بينما تبتلع أسفا إلى داخلها، فتشع عيناها من جديد ببريق سيجعل الجميع ينظرون إليها بنقاب أو بدونه، لأن المسألة ليست نقابا.. ليست آراء فقهية يستطيع أي شيخ رميها لكي تمتثل بها، فجسدها حرة به إذا تنقبت أو اعترضت أمام البيت الأبيض عارية ضد حرب العراق...

ليست مجرد أيام، لأنها تشهد في كل لحظة فيها نوعا من محاصرة الحرية، أو وضعها في قالب فقهي، فهي تخلع النقاب وتضعه برؤية فقهية، وهي تعشق أو تكره على حسب أهواء من يريدون العبث... وهي في النهاية تكتب نفسها على موجة واحدة، بينما يلاحقها الجميع على إيقاع الرغبات التي يطلقونها فجأة أو يكبتونها داخلهم.

سأكون مع النقاب إذا كان خلعه بأمر فقهي... لأن جسدي ملك لي... ووجهي ليس فتنة بل شعاع فضي ينطلق باتجاه الجميع ثم يرتد على قلبي كي أملك حرية الاختيار، هو وجهي الذي أخفيه أو أظهره وفق رغبتي أنا وليس بفتوى من الأزهر، أو برأي استفاق أحدهم عليه فقرر أن يرميني به، فوجهي في النهاية مبشر بالجنة، وقادم من ملكوت الجمال والعشق تماما كما وجه الذكور آت من النظرات القادرة على منح الحنان وعلى زرع تفاصيل تدفعني كي أحتضنه، فحريته من حريتي، وقدرتي على الاختيار هي أيضا قدرته على الانطلاق خارج أسر "القرارات" الفقهية.